جريدة جريدة وطني

مشروع الزواج ما زال بالإصدار القديم

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مشروع الزواج ما زال بالإصدار القديم, اليوم الأربعاء 16 أكتوبر 2024 01:41 صباحاً

الكثير من المجالات الاجتماعية تغيرت وانسجمت مع الواقع ومع ثقافة المجتمع مثل توسع عمل المرأة في الكثير من المجالات وأصبحت شريكا حقيقيا فاعلا في تنمية الوطن مع الشباب، وقيادة المرأة للسيارة، والأجور المتساوية.. وغيرها، وعند الحديث عن المؤسسة الزوجية اليوم، فيجب أن ندرك أننا نعيش واقعا اقتصاديا مختلفا وكذلك اجتماعي، في ظل ما تفرضه المدنية من آثار سلبية ألقت بظلالها على العلاقات الاجتماعية، وأصبحت العلاقات متكلفة ومكلفة، وتباعدت الأسر، وضعفت الروابط، وزادت الحساسية بين الناس، والمفروض والواجب، والتقدير والمقدار.

بالإضافة إلى ما تفرضه الأسر من شروط شكلية صراحة أو ضمنا على من سوف نبحث عنها "فتاة الأحلام" التي ضاعت في الزحام أو "الفارس الملثم" الذي قد يطرق الباب ولو بالخطأ فعليه أن يكون من ثوبنا (دون معرفة حجم ومقاس هذا الثوب) والفتاة وفق لباس أو حجاب معين، وقد يسأل عن مكان العمل ومن تخالط وإلى أي نسب تنتمي وقد يتطور الأمر إلى (إعطاء تقييمات مسبقة على الناس وأنه ينفع أو لا ينفع) وكأن من يتزوج هو الأم أو الأب وليس الفتاة والشاب، وأصبحت الأسر تفرض تقاليد وعادات وضغوطات ورسميات والتزامات اجتماعية، والتوسع في ثقافة العيب، وأنه ما يصير، وسمعة الأسرة، وشكليات أرستقراطية ما أنزل الله بها من سلطان ورحلة طويلة.. ونحن الآن لم نعلم مدى القبول والانسجام بين الشريكين المحتملين في هذه المؤسسة الزوجية، اللذين لم يعرفا بعد، ولا كيف نصل إلى هذه المرحلة.

أنا أعتقد أنه كلما اقتربنا أكثر من واقع الشباب والبنات وفهمنا هذا الواقع الجديد المختلف كليا عن السابق كلما استطعنا أن نفهم أكثر ما هي الأسباب أو المخاوف من تأخر قرار الزواج، هذا الجيل يستيقظ فجأة بعد المرحلة الثانوية ليجد نفسه مطالبا بعدد من الاختبارات التقييمية والقدرات والتحصيلي وأخرى تحريرية، وقد يكون هناك مقابلات شخصية للقبول في المرحلة الجامعية، هذه الجامعات الكئيبة التي تفتقد للإنسانية الجامدة لا أنشطة ثقافية أو رياضية أو فعاليات أو مسرحيات ذات رسائل هادفة، هذا الجيل يسبقنا بالوعي والإدراك بمراحل عما كنا عليه في وقته، مشبع بالكثير من الدراما والمسلسلات والأفلام الغربية وقصص الحب والغرام، ولكنه هنا في هذا الموقف هو ينتظر هذه الوظيفية التي تحتاج منه إلى وقت وصبر وانتظار حتى يلتحق بها، ليتفاجأ بعد عدة رواتب في ظل هذه التضخم العالمي، أن طلباته وطموحاته وما يريد أن يشتريه ويقتنيه ويلبي شغفه، وما كان يحلم فيه منذ وقت طويل وما يشاهده عند بعض أقرانه أو في برامج التواصل الاجتماعي يحتاج إلى سنوات من العمل بهذه القدر من الراتب، مما يجعله يقترض لتوفير بعضها وبالتالي متى يقدر هذا الشاب أو الفتاة أن يفكر في الزواج؟ وكيف له ذلك؟

هذه الرحلة بما فيها من مشقة إلا أنه لا يغيب فيها دور الوالدين بإسداء النصائح والتوجيهات والصراخ أحيانا بأنه أهم شيء المستقبل وإتمام الجامعة والبحث عن وظيفة، لا تفكر في أي شيء ثانٍ فقط فكر في الحصول على وظيفة ومصدر رزق، وقد تحتاج هذه الأسرة كذلك إلى جزء من هذا الدخل لكي تغطي مصاريفها، فالكثير من الشباب والبنات مساهمون ومشاركون مع أسرهم، ليكتشف الطرفان أن السنين قد هربت منهما!

السؤال أين التفكير بالزواج في هذه الرحلة الكئيبة؟ وهل الطرق القديمة ما زالت مقنعة عند الشباب والفتيات، وأنه سوف نخطب لك عند فلان أيها الشاب وهو لا يعرف هذه الفتاة ولا شكلها ولا طباعها ولا تفكيرها، وأنت أيتها الفتاة انتظري حتى يأتي متعوس الحظ ويطرق الباب، هذا الباب الذي لم يطرقه أحد وقد تمر السنين ونكتشف أن جرس الباب خربان، ولا أحد يرد على الجوال هذه الأيام، ومن يرسل واتساب أو غيره قد يتهم بتحرش أو أنه قليل أدب ومباشرة يندق "حظر".

هل الطرق القديمة مجدية الآن للبحث عن الشريك لهذه المؤسسة الزوجية؟ نحن نتحدث عن هذا الجيل في ظل هذا الانفتاح مقابل سطوة الوالدين وثقافة العيب، وأين يشاهدون الشباب والفتيات شريكي المؤسسة الزوجية بعضهم بنظرة البحث عن نصفه الآخر في جو يسوده الاحترام والرقي والأخلاق، أضعف الإيمان كانت الأم في السابق تتعرف على الفتيات في الاجتماعات الكبيرة للأسر في المدن أو المحافظات أو العزائم أو الزواجات الكبيرة وقاعات الأفراح التي اختفى جزء كبير منها الآن ولم تعد تصل الدعوات وكروت الأفراح كما في السابق، هل أضاعوا عنوان بيتنا، أم إنها الأوضاع الاقتصادية أسدلت بظلالها على احتفالات الزواجات وتقليص النفقات هي أيضا؟

أعتقد أن الموضوع مهم وكبير وشائك ومعقد وحساس اجتماعيا ويزداد صعوبة مع مرور السنين، ولا أحد يتحدث عنه بصراحة وشفافية، ويجول في خواطر الناس والشباب والفتيات المحترمين الملتزمين بعادات وتقاليد المجتمع وقيمه الدينية، أحببت أن أضيء أول الطريق وأشاركه معكم وأترك بقية الرحلة للمجتمع ومصير أبنائه، ومساحات أوسع للنقاش والبحث عن أجمل الأساليب وأفضل الممارسات الجديدة المشبعة بالذوق والاحترام والأخلاق، كي نخلق فضاء أرحب لنصل إلى أجمل اللحظات وأصدق المشاعر لولادة شرارة الحب في هذه العلاقة المقدسة "الزواج".

3OMRAL3MRI@

أخبار متعلقة :