جريدة جريدة وطني

لقمة العيش صعبة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لقمة العيش صعبة, اليوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 02:55 صباحاً

قيل الحاجة أم الاختراع وبرأيي ليس بهذا المعنى تماما، لأن الحاجة تدعنا نتقبل أشياء لا نريدها، ومطالب الحياة هي من تجبرنا على اختيار المتاح منها حتى لو لم يناسب طموحاتنا وقدراتنا ومهاراتنا لأجل أن نسد حاجة ورغبة معينة، ذلك ما يجعلنا نرضى باختيار الفارغ والمتاح منها، هو ليس عيبا بنا أو تقليلا أن نصف أنفسنا به بل أمر ما في الحياة أجبرنا على اختياره والسير به والعمل عليه.. كاختيار وظيفة لا تناسب إمكاناتنا، واختيار عمل لا يتوافق مع قدراتنا ومؤهلاتنا، هكذا هي الحياة لا تختار لنا، لكن ظروفها هي من ترغمنا على اختيار طريق واحد فقط، متاعب الحياة هي من تصنع منا نموذجا سليما حتى لو بمقومات لا تتوافق مع أفكارنا، الأهم نبذل لنصل للإنجاز فيه ونكمل الطريق.

مهاراتنا ربما لم نستغلها في وجهة نرغب بها لكن لا بأس بأن نكتشف مهارات جديدة نصنعها بنا من اللاشيء، فالحاجة للعمل ليس فقط أن نختار ما نتمنى بل لا بد من استغلال أي عمل حتى نقبض ما يساعدنا على العيش أيضا، ليست الحاجة إلى عمل عيبا وجرما، بل هي إكمال آخر سطر في كتاب الحياة "لأجل العيش بطريقة صحيحة لا نحتاج بها أحدا" بل نحتاج لمهاراتنا وقدراتنا حتى نلملم حياتنا بشكل واع ومسؤول، ونلم بتفاصيل كثيرة تبحث عن سد الحاجة بنموذج فكري سليم يبحث عن العيش الكريم والتطوير المهني والمهاري والاقتصادي والفكري الذي قد يؤدي بنا إلى مناصب أفضل مهنيا.

كمثال، أنا عملت بمجال لا أحبه لكن ادعيت محبته لأنجح به فقط، أجد المتاح الذي ليس سيئا ونسيت الذي أحبه، على رغم محبتي وجدت نقطة الوصول إليه بعيدة عني، ورغم حبي للإعلام لم أجد فرصة حقيقية فيه، لذا ذهبت لمجال آخر لا يسعني فيه إلا أن أنجح به فقط، سيئ أن نتمنى دون جدوى حقيقية لما نحب ونريد، فقد نجد صعوبة كبيرة في إيجاد فرص واضحة وحقيقية؛ فمن المناسب لنا التضحية بشيء واحد لعل أن نجد من خلاله فرصتنا الحقيقية البعيدة عنا الآن.

تكبر بنا الطموحات وما زلنا صغارا نبحث عن أولوياتنا فقط، لذا لا يمكننا رسم الحياة بدقة عالية وبصورة جميلة تناسبنا، ولا يمكننا إدراك كل ما نتمنى بلمحة واحدة، إليكم عني.. "كل شيء أنجزه وأنجح به أو أصل إليه ليس بمجهودي الشخصي بل هو توفيق لي من الله قبل كل ذلك"، قررت الرحيل عن هذا المجال الذي ما زلت أعمل به، فأنا اخترته لأجل لقمة العيش فقط، وأتيت إليكم وكتبت هذه المقالة، عذرا للحياة فأنا أفسد هذه الفرصة التي لا تناسب إمكاناتي وقدراتي، وأنا لم أنجح بالتمسك بهذا المجال الذي عملت به مع نجاحي فيه، فهو لم يناسبني حقا من الجانب النفسي لأجل ذلك اخترت الابتعاد عن هذا العمل.

أدرك أن الفرصة لا تكتفي بمرة واحدة بل لها وقت آخر، والتضحية في مجال العمل ليس بكارثة حقيقية بل الاحترام والانسجام بيننا في العمل هو من يساعدنا في البقاء، وتحمل ضغوطات العمل والتقليل وسوء التعامل هو ما يخبرنا بأننا لا نملك قيمة مضافة تمكننا من إنجاز عملنا والتعايش معه؛ إذا المال ليس كل شيء بنظري، فالجانب النفسي والمعنوي له دور أكبر وأهم حتى نعرف حقا ما يناسبنا ويمكننا الاستمرار فيه، لقمة العيش صعبة حين نجد تعاملا سيئا وتفاهما مهنيا صعبا، فربما نصبر على قلة المال ولا نصبر على سوء الخلق المهني الذي يواجهنا في كل مرة نعمل سويا، فالتجاهل المستمر يحدث معه تصادم نفسي كبير يفسد راحتنا ويضيق علينا إنجاز عملنا الذي يرضيهم عنا؛ حينها يكون التنحي لاختيار فرصة أخرى أمرا حتميا لا بد منه.

3ny_dh@

أخبار متعلقة :