جريدة جريدة وطني

في شيء غلط في البودكاست!

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
في شيء غلط في البودكاست!, اليوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 02:55 صباحاً

لقد كان المذيع التلفزيوني قبل ظهور البودكاست الآيفوني - الذي نشأ مع بودكاست آبل ايتونز - مذيعا ذكيا وقويا؛ يعري الضيف ويظهر عيوبه وركاكته العلمية والأخلاقية للجمهور بأسئلة استفزازية وحوار ذكي يقوم على تحريك قطع الجدل المنطقي، ولربما كشف التلاعب وحمى المجتمع من مشهور مريض الجماهير به مغرورة بأسئلة مربكة تظهر تناقضات الضيف وأخطاءه وحقيقة القضية، كان البرنامج التلفزيوني أكثر إثارة وشغبا وحماسا من بودكاست اليوم، كان مذيعا بمعنى الكلمة، يحضر ويتكلم وله كلمة مسموعة ومطاعة.

أما اليوم فولد جيل من المذيعين المستسلمين تاركين الإعداد والتحضير للضيف، أما هم فضيوف على الحلقة: لا إعداد ولا أسئلة، بل إني لاحظت وسمعت أكثر من بودكاست سعودي وخليجي يقول المذيع فيها للضيف "أنا اليوم بترك المايك لك، ما حضرت حقيقة للحلقة! خذ راحتك". إذا كان الأمر كذلك فهذا نوع من الكسل الصحفي.

لاحظت نوعا من البودكاست غريبا جدا؛ صاحب البودكاست الذي أسسه يحل ضيفا كل يوم على البودكاست مع مذيع حدث السن لا يتجاوز العشرين ربيعا، شخصية المذيع: ضعيفة وهشة لحداثة سنه كل ما يفعله المسكين أن يبتسم ويصفق لضيفه على كل كلمة يقولها ويصدقه ويوافقه في كل شيء.

هذه السيطرة التي تولاها الضيف على المايك أخشى أن تذهب الصنعة الصحفية الاحترافية القديمة: التحضير القوي، والأسئلة الذكية، وأهداف خفية يعرفها المذيع والجمهور وحدهم دون الضيف! الصراع بين شخصيتين مختلفتين: مذيع وضيف يولد حيوية وحماسا وطاقة على الاستماع، وهيبة اللقاء، ونشوة النقد.

البودكاست أبطن الاختلاف الحقيقي بين الضيف والمذيع وأظهر المسالمة المصطنعة.

البودكاست نوع من النوم والخمول البارد يخفي نيران الحقيقة. لقد ذهبت الفكرة المركزة في خمسين دقيقة لتحل محلها الثرثرة لمدة ثلاث ساعات ولا فرق بين البودكاست والمسلسل التركي الذي أبطاله طوال الحلقة: يجرون ويجرون ويجرون. وأبطالنا: يثرثرون ويثرثرون ويثرثرون دون ثمرة مقطوفة.

سيطرة الضيف على البودكاست لا تسمى حوارا، بل أذهب إلى القول إنها نوع من المحاضرة والإلقاء، أما المذيع فمجرد مقدم للحفل يدير فقرات: المقدمة، وتفاعلات الوسط: آها، اوف!، بالله في كذا! والخاتمة.

حتى الآن لا نستطيع وضع تعريف للبودكاست! فهل هو حوار هادئ؟ أم محاضرة وتعليمات؟

المشكلة حتى البرامج التلفزيونية بدأت تقتدي بالبودكاست: هادئ، ومذيع مسالم، لأن هذا ما يطلبه الجمهور.

بل حتى الجمهور جيل غريب وجديد: لا يريدون أن يسمعوا إلا الضيف، وإذا قاطع المذيع بسؤال واحد رأيت هجوما وتخطئة للمذيع.

هل صار تعريف البودكاست بأن لا تقاطع الضيف؟

ليس كل ما يقوله الضيف صحيحا؛ ولا يمكن اكتشاف الجانب الخاطئ من أفكاره وكلماته دون تعاون من مذيع ذكي واستفزازي وعقلاني ومحضر بقوة للموضوع، لا يسمع الجمهور ولا يراهم.

أعلم بأن البرامج الإعلامية متنوعة ومختلفة في أهدافها: تعليمية، وترفيهية، ونقدية.

لكن البودكاست صبغها جميعها بلون واحد باهت ميت صامت، فكلها تتبع النمط نفسه: هدوء ولا مقاطعة وضيف معلم ومذيع مستسلم. أسائل البودكاسات الحديث فلا يجيبني إلا صمتا.

فلا أدري إن كنت وحدي من يحس بهذا البرود والصمت!

shoroogmi@

أخبار متعلقة :