جريدة جريدة وطني

حظر الأكياس أحادية الاستخدام.. المنافذ الكبرى تلتزم وأخرى تتحايل

تحقيق: يمامة بدوان

يشكل القرار الوزاري رقم (380) لسنة 2022، الصادر بشأن تنظيم استخدام المنتجات ذات الاستخدام الواحد بأسواق الدولة، أحد إجراءات حماية البيئة من التلوث الناتج عن استهلاك مثل تلك المنتجات، ابتداء من 1 يناير 2024 اتحادياً. 
وفي جولة ل«الخليج» في عدد من محال البيع، تبيّن أن المنافذ الكبرى والتعاونيات، تلتزم تنفيذ القرار في حين عمدت بعض المحال إلى التحايل على القرار.
جاء القرار الوزاري رقم (380) لسنة 2022، بشأن تنظيم استخدام المنتجات ذات الاستخدام الواحد، للإسهام في حماية البيئة من التلوث الناتج عن استهلاك مثل تلك المنتجات، والتي تضمنت الأكياس القابلة للتحلل، وحظر استيراد الأكياس ذات الاستخدام الواحد أو إنتاجها، أو تداولها مهما كانت المواد المصنوعة.
وحرصاً من دولة الإمارات على تعزيز الاستدامة وحماية كوكب الأرض، اتخذت خطوات عدّة في أسواق الدولة، للتصدي إلى ظاهرة الاستهلاك المفرط للأكياس البلاستيكية في حياة الناس، باتباع سياسة التحول التدريجي لبدائل أخرى.


المنافذ الكبرى
في رصد ل«الخليج»، تبين أن المنافذ الكبرى والتعاونيات، تلتزم تنفيذ القرار الوزاري بتوفير حقائب تسوق صديقة للبيئة، بأسعار مختلفة، إضافة إلى أكياس مصنوعة من مواد معاد تدويرها، مقابل 25 فلساً للكيس، إلا أن بعض محال السوبر ماركت، عمدت إلى توفير أكياس صديقة للبيئة، مقابل 25 فلساً، وأخرى بلاستيكية أحادية الاستخدام، مجاناً لفئات محددة من المستهلكين، الذين تعدهم «زبائن» لديها، ما يعد تحايلاً واضحاً على القرار، فيما لجأت محال أخرى لعرض تلك الأكياس على الملأ، كي يسهل على موظف «الكاشير» تعبئة مشتريات المتسوقين.
وفي لقاءات مع عدد من مسؤولي البيع في بعض محال «السوبر ماركت»، فضّلوا عدم الكشف عن أسمائهم، قال (م. ص): إنه يجري توفير أنواع الأكياس الصديقة للبيئة، مقابل 25 فلساً للكيس، بناءً على القرار الوزاري، وأخرى مجانية لزبائن المحل، حيث يجري تخبئة هذه الأكياس أسفل جهاز «الكاشير»، كي لا يتم رصدها في حالات التفتيش المفاجئة.
وأضاف أن الكيس المصنوع من مواد معاد تدويرها، تصل كلفة الواحد منه إلى 20 فلساً، ويحقق لنا أرباحاً زهيدة من بيعه.
أما (ع. ج) بائع في سوبر ماركت لبيع الخضراوات والفاكهة، أوضح أن الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام، لا تزال قيد التداول في الكثير من المحال، على الرغم من قرار حظر تداولها، حيث تلجأ بعض المحال لإخفائها أسفل أجهزة «الكاشير»، وتعبئة المشتريات للمستهلك الدائم في هذه المحال، كونه لن يكشف السر، وسيبقى يتعامل مع المحل طالما يوفر له أكياساً مجانية لتعبئة مشترياته. من جهته، ذكر (أ. ر) مسؤول بيع في سوبر ماركت، أنه تجاوباً مع إلزامية القرار عمد إلى توفير أكياس ورقية صديقة للبيئة وبأحجام مختلفة، لكنها مخصصة للمستهلكين الذين يطلبون مشترياتهم عبر «الموقع الإلكتروني»، ويجري توصيلها إلى المنازل، كونها تعكس الالتزام بالقرار، إلا أن الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام، يتم فيها تعبئة مشتريات المستهلكين العاديين.


استراتيجية شاملة
قالت وزارة التغير المناخي والبيئة: إن استخدام الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، تجاوز أكثر من 13 مليار كيس في السنة، وبالتالي كان لزاماً التحرك لمواجهة هذه المشكلة، التي باتت تهدد استدامة البيئة، حيث يأتي القرار الوزاري كخطوة حاسمة في مواجهة التحديات البيئية، التي تفرضها الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد.
ويمثل القرار جزءاً من استراتيجية شاملة لتعزيز الوعي البيئي وحماية الموارد الطبيعية، كما يعزز من توجه الدولة نحو الاستدامة، بتشجيع التحول إلى البدائل الصديقة للبيئة، لحماية الموارد الطبيعية وتقليل الاعتماد على البلاستيك الذي يحتاج إلى مئات السنين للتحلل.
وأضافت الوزارة، أن القرار لا يقتصر على حظر استخدام الأكياس البلاستيكية فحسب، بل يرافقه جهود كبيرة لنشر الوعي البيئي بأهمية تقليل استخدام البلاستيك وتبني ممارسات مستدامة، بما يُعد جزءاً أساسياً من التغيير المطلوب لضمان نجاح هذا القرار، ويسهم في دعم الاقتصاد الأخضر، بحيث يشجع على الابتكار في إنتاج مواد صديقة للبيئة، ويخلق فرص عمل جديدة في هذه القطاعات.
وأكدت أنه تم إعداد آلية لضمان الامتثال للقرار الوزاري، بالتنسيق مع السلطات المحلية المختصة والتعاون مع منافذ البيع، أما بالنسبة للمخالفات والعقوبات الخاصة بالقرار، فقد تم تحديدها من قبل السلطات المحلية في كل إمارة.
منتجات مستثناة
أوضحت وزارة التغير المناخي والبيئة، أن القرار يستثنى من تطبيق الحظر عدداً من المنتجات، تشمل لفائف الأكياس الرقيقة المستخدمة، والمنتجات المعدة للتصدير أو إعادة التصدير إلى الخارج، على أن يوضع وسم واضح يبين أن الغرض من الإنتاج هو التصدير أو إعادة التصدير، ويمنع تداول هذه المنتجات في أسواق الدولة.
كما يشمل الاستثناء كذلك الأكياس والمنتجات ذات الاستخدام الواحد المصنوعة من مواد معاد تدويرها في الدولة، والمنتجات والمواد الأخرى التي يتم تحديدها واستثناؤها من السلطة المختصة، وذلك بالتنسيق مع وزارة التغير المناخي والبيئة.
ولفتت إلى أن الحكومة تواصل جهودها لحماية الصحة البيئية، حيث تحظر اعتباراً من 1 يناير 2026، استيراد أو إنتاج أو تداول المنتجات البلاستيكية الاستهلاكية، التي تشمل أكواب المرطبات وأغطيتها، وأدوات المائدة (الملاعق والشوك والسكاكين وعيدان الأكل)، والصحون، والماصات، وعيدان التحريك، ومستوعبات وعلب الطعام المصنوعة من مادة «الفوم»، وتقوم بالتعاون مع السلطات والهيئات والشركات ذات الصلة لإجراء الاستعدادات اللازمة عند بدء سريان القرار اعتباراً من الأول من يناير من 2026.


إجراءات واستعدادات
وحول ضمان تنفيذ هذا القرار بنجاح ومن دون تأثير سلبي على المجتمع أو الاقتصاد، أشارت الوزارة إلى أنه تم اتخاذ عدة إجراءات واستعدادات منها، توعية المجتمع من خلال حملات توعوية مكثفة عبر وسائل الإعلام المختلفة، ونشرات تثقيفية، وتنظيم لقاءات مع الشركات والمصنعين والموزعين لمناقشة تأثيرات القرار، كذلك تشجيع استخدام المنتجات الصديقة للبيئة، حيث تم إعداد دليل تنظيم المنتجات البلاستيكية والأكياس ذات الاستخدام الواحد، إلى جانب تحديث المواصفات والمعايير المطلوبة للبدائل المسموح بها، لضمان الجودة والاستدامة، والتعاون مع الجهات المعنية، مثل التنسيق مع الجمارك والجهات الرقابية، لضمان عدم دخول المنتجات المحظورة إلى السوق، أيضاً وضع آلية لقياس خفض الأكياس والمنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد. 
ولفتت إلى سعى الجهات المختلفة في الدولة إلى نشر الثقافة والوعي بين أفراد المجتمع، خاصة بين الطلاب، بخصوص القرار، بتنظيم حملات توعوية وورش عمل تثقيفية في المدارس والجامعات، وتوزيع مواد تعليمية وتثقيفية توضح مخاطر البلاستيك على البيئة، وتشجع على تبني ممارسات مستدامة، مثل استخدام المنتجات القابلة لإعادة الاستخدام.
كما تشارك الجهات الحكومية وغير الحكومية في تنظيم فعاليات ومسابقات، لتشجيع الطلاب على تقديم حلول مبتكرة للتقليل من استخدام البلاستيك وتعزيز الاستدامة البيئية، حيث تعمل هذه الأنشطة على غرس قيم المحافظة على البيئة في نفوس الأجيال القادمة، وضمان تبنيهم لأساليب حياة صديقة للبيئة.


مبادرات نوعية
أكدت بعض المنافذ والتعاونيات في الدولة، التزامها التام بالقرار الوزاري رقم 380، وسعيها الدؤوب للحفاظ على البيئة، حيث قال جان لوك جرازياتو، الرئيس التنفيذي للعمليات في الإمارات، لدى ماجد الفطيم للتجزئة: إنه من بداية عام 2022 حتى الربع الأول من العام الجاري، انخفضت نسبة استخدام الأكياس البلاستيكية في متاجر «كارفور» بنسبة 80%، وذلك بفضل إزالة الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد من متاجرنا. ولفت إلى الحرص على تشجيع العملاء على اتخاذ خيارات مستدامة، من خلال برنامج «اختر الأفضل»، الذي يهدف إلى تمكين العملاء وتثقيفهم ومكافأتهم على تبني أساليب تسوق مستدامة، ما يسهم في نمط حياة أفضل، ويتماشى مع جهود تقليل استخدام الأكياس البلاستيكية عبر مبادرة «من أجل كوكبنا»، التي تعد جزءاً أساسياً من البرنامج.
وأوضح: «نستقبل أكثر من 80 ألف عميل يومياً في متاجرنا، ما يوفر لنا فرصة كبيرة للتأثير بشكل إيجابي في البيئة، وتشجيع أساليب الحياة المستدامة للأجيال القادمة، في النصف الأول من العام 2024 فقط، قمنا ببيع أكثر من 1.7 مليون كيس قابل لإعادة الاستخدام، بزيادة تقارب ال6 أضعاف مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022، ما يعكس التحول الواضح إلى تبني سلوكيات التسوق المستدام بين عملائنا».
وحول شكاوى بعض المتسوقين بتوفير أكياس مقابل 25 فلساً، أثنى جرازياتو على مبادرة حظر أنواع معينة من الأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في دبي، مشيراً إلى أنه في متاجر «كارفور»، فإن الأكياس البلاستيكية المتوفرة حالياً، تتماشى مع اللوائح الحكومية، حيث يتجاوز سمكها 57 ميكرون، ما يجعلها قابلة لإعادة الاستخدام.
وأكد العمل بنشاط لتقليل تأثيرنا البيئي بشكل أكبر، للتوافق مع رؤية «ماجد الفطيم» في تمكين أنماط حياة أكثر صحة واستدامة، والسعي لضمان انتقال سلس للعملاء من الأكياس البلاستيكية إلى الأكياس القابلة لإعادة الاستخدام، بتقليل توزيع الأكياس البلاستيكية تدريجياً.


تحفيز المجتمع
أكد الدكتور سهيل البستكي، الرئيس التنفيذي للعلاقات المجتمعية في تعاونية الاتحاد بدبي، أن التعاونية ملتزمة تنفيذ قرار المجلس التنفيذي لإمارة دبي، الذي ينص على تنظيم استخدام المنتجات ذات الاستخدام الواحد في الإمارة، حيث قامت في 1 يونيو 2024، بحظر جميع الأكياس ذات الاستخدام الواحد، وتوفير بدائل صديقة للبيئة للمستهلكين.
وبيّن أن التعاونية ملتزمة مبادراتها التوعوية المجتمعية، من خلال توفير أكياس «حقائب» صديقة للبيئة للمستهلكين بأسعار تنافسية، وذلك بهدف حماية البيئة، وتحفيز أفراد المجتمع على تبني السلوكيات المستدامة والصديقة للبيئة، ونشر ثقافة استخدام المواد المعاد تدويرها للإسهام في تحقيق التنمية المستدامة.
وأوضح أن الإقبال على شراء الأكياس متعددة الاستخدام الصديقة للبيئة مميز، إذ إن المستهلكين أصبح لديهم وعي كبير بأهمية الأكياس متعددة الاستخدام، وتبني الممارسات الإيجابية، حيث قامت التعاونية بإطلاق مبادرات عدة، منها توفير الأكياس بالمجان لمن تزيد مشترياته عن 200 درهم، إضافة إلى تقديم مجموعة متنوعة من خيارات الأكياس متعددة الاستخدام، مثل أكياس القماش القابلة لإعادة الاستخدام وغيرها من الخيارات الصديقة للبيئة.
 

أخبار متعلقة :