جريدة جريدة وطني

«تغيّر المناخ» يقتل 30 مليوناً بحلول 2100

إعداد: محمد عزالدين
تنبأت دراسة جديدة أجراها باحثون في معهد ماكس بلانك للكيمياء بألمانيا، باستخدام محاكاة عددية متقدمة، بأن تغير المناخ سيتسبب في وفاة 30 مليون شخص بحلول عام 2100، نتيجة لارتفاع درجات الحرارة الشديدة وتلوث الهواء، وأن الوفيات الناجمة عن درجات الحرارة القصوى سترتفع من 1.6 مليون حالة في عام 2000 إلى 10.8 مليون حالة بنهاية القرن، بينما ستشهد الوفيات بسبب تلوث الهواء زيادة كبيرة، يتوقع أن تصل إلى 19.5 مليون حالة سنوياً بحلول عام 2100، مقارنة بـ4.1 مليون حالة في عام 2000.
تظهر الدراسة تفاوتاً كبيراً في تأثيرات تغير المناخ حسب المناطق الجغرافية، ففي مناطق مثل جنوب وشرق آسيا، يتوقع أن تكون التأثيرات أكثر وضوحاً بسبب تزايد أعداد السكان المسنين والتلوث المستمر للهواء، وفي بعض المدن الكبرى مثل بكين ودلهي، حيث يتعرض السكان لمستويات عالية من التلوث، وسيكون تلوث الهواء هو العامل الأبرز في الوفيات.
أما في المناطق ذات الدخل المرتفع مثل أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية وأستراليا، ستكون درجات الحرارة المرتفعة هي العامل الرئيسي للوفيات، خاصة مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة في الصيف بشكل غير مسبوق، ما يعرّض الأشخاص الأكبر سناً، وأصحاب الأمراض المزمنة لخطر أكبر.
على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، بدأت بعض المدن مثل فينيكس في ولاية أريزونا تشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، ما سيؤدي إلى ارتفاع حالات الوفاة بسبب ضربات الشمس، وأمراض القلب والأوعية الدموية.
ومن المتوقع أن تشهد بعض البلدان في وسط وشرق أوروبا مثل بولندا ورومانيا، وأمريكا الجنوبية مثل الأرجنتين وشيلي، تحولاً في المخاطر الصحية، وسيصبح ارتفاع درجات الحرارة الشديدة هو السبب الرئيسي للوفيات بدلاً من تلوث الهواء، ويعود ذلك إلى تزايد درجات الحرارة التي قد تصل في بعض المناطق إلى مستويات خطرة، ما سيؤدي إلى انتشار الأمراض القلبية والتنفسية.
وبحلول عام 2100، من المتوقع أن تتجاوز المخاطر الصحية الناتجة عن الحرارة تلك المرتبطة بتلوث الهواء لثلث سكان العالم، وعلى سبيل المثال، في بولندا، يتوقع العلماء أن يصبح الصيف الحار أكثر طولاً، ما سيؤدي إلى ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية.
تأتي هذه الدراسة في وقت حساس بعد تحذيرات الأمم المتحدة التي أشارت فيها إلى أن الأرض في طريقها لتحقيق زيادة «كارثية» في درجات الحرارة، والتي قد تراوح بين 2.6 و3.1 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، وحذر أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، من أن العالم «يتأرجح على حبل مشدود»، مشدداً على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من الانبعاثات وتقليص المخاطر المناخية، التي ستؤثر بشكل أكبر في الدول الأشد فقراً وضعفاً، مثل البلدان الإفريقية، أو جزر المحيط الهادئ التي تواجه خطر الغرق بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر.
وفي ختام الدراسة، دعا الباحثون إلى اتخاذ خطوات فورية وحاسمة لمواجهة آثار تغير المناخ، مؤكدين أن هذه الأزمة تتجاوز كونها أزمة بيئية لتصبح تهديداً مباشراً لصحة الإنسان، ومن المهم أن تركز الحكومات على توسيع استخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، إضافة إلى تطوير التكنولوجيا النظيفة وتقليل انبعاثات الكربون بشكل عاجل، وإن اتخاذ إجراءات مثل هذه لن يساعد فقط على مواجهة تغير المناخ، بل سيقلل أيضاً من الوفيات الناجمة عن الحرارة المفرطة والتلوث في المستقبل.

أخبار متعلقة :