«الفلاح».. المسئول عن إنتاج 80% من الألبان بمصر يطلب الدعم

الوطن 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«الفلاح».. المسئول عن إنتاج 80% من الألبان بمصر يطلب الدعم, اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024 08:33 مساءً

يعرف ياسر عبدالعليم، الفلاح الخمسينى، ابن قرية كفر محمود، مركز الباجور، محافظة المنوفية، أهمية «اللبن» فى بيوت الريف بشكل خاص، حيث يعتبرونه «سُترة البيت»، لدوره فى سد حاجات الأسر الغذائية من «اللبن والجُبن والزبدة والسمنة»، ومساهمته فى تحقيق دخل أيضاً ببيع ما يفيض عن حاجتهم منه، لكنه يدرك جيداً أيضاً أن تربية الماشية المنتجة للبن لم تعد أمراً سهلاً بالمرة.

فى بيته الواقع بين الحقول، والذى يضم أيضاً بين جنباته ماشيته، أخذ ياسر، يتحدث عن تجربته والصعوبات التى تواجهه فى تربية الماشية المنتجة للبن والتى تعوق إنتاجه لكميات أكبر من اللبن، ومطالبه للتغلب على هذه الصعوبات، فيما كان اثنان من جيرانه المزارعين ومربى الماشية أيضاً يجلسان معه يؤيدانه عادة، ويزيدان عليه فى أحيان أخرى.

«ياسر»: محتاج متخصصين «يوعّونى».. وبيطرى يدلنى على «سلالة حلوة».. و«مرشد زراعى» ينزل معى الأرض

يشعر «ياسر» أنه لا يزال يفتقر للوعى والدعم الواجب أن تمده به الحكومة والمختصون، وهو ما يعبر عنه قائلا: «لسه عايش لحد النهارده بالفطرة.. جاموستى بتولد، أحط لها أكل، وتجيب لى آخر النهار شوية لبن.. جابت لى كيلو أو 6 كيلو، بقول بارك الله فيما رزق. إنما أنا عايز متخصصين ومرشدين زراعيين يدونى وعى.. وبيطرى يقول لى هديك سلالة حلوة، أو تطعيم مهم».

يحدث ذلك، وفقاً لياسر، بالرغم من أن أهل قريته، بما فى ذلك بعض أبنائها الذين يعيشون خارجها، لا يزالون يعتمدون عليه وعلى غيره من صغار الفلاحين ومربى الماشية فى الحصول على احتياجاتهم الغذائية من منتجات الألبان: «النهارده انت وغيرك بتستفاد من الفلاح الغلبان الصغير ده.. هو ده اللى بيعمل لنا كيلو الجبنة، وحتة السمنة أو الزبدة، وهو اللى بيأكّل الموظف والعامل».

رئيس «الثروة الحيوانية» الأسبق: يجب زيادة الاعتماد على الأعلاف البديلة ودعم صغار المربين بالإرشاد والتدريب و«صندوق التأمين»

وصغار المربين والفلاحين من أمثال ياسر وغيره، «مسئولون عن نحو 80 إلى 85% من تعداد الثروة الحيوانية فى مصر، ونحو 80% من إنتاجية اللبن التى تبلغ نحو 7.5 مليون طن سنوياً»، وذلك طبقاً لدراسة قدمها الدكتور محمد فراج، رئيس قطاع الثروة الحيوانية الأسبق بوزارة الزراعة، فى المؤتمر العلمى الذى نظمته جمعية النهوض بالزراعة والبحوث العلمية، بالتعاون مع مركز البحوث الزراعية، أواخر أبريل الماضى.

وفى حين يعتمد أهالى قرية «كفر محمود»، كغيرهم من سكان قرى مصر، على منتجات الألبان التى يُنتجها «ياسر»، وغيره من الفلاحين، كما أن أهلها الذين يُقيمون فى القاهرة ويأتون إليها فى الإجازات والمواسم، يحرصون على شراء ما يمكنهم الحصول عليه من هذه المنتجات، لا سيما مع انخفاض أسعارها مقارنة بتلك التى تنتجها الشركات والمصانع الكبرى وتبيعها المحال فى المدن، إلا أنهم أحياناً ما يصطدمون بقلة أو شح هذه المنتجات.

«محمد»: العلف غالى.. ومتوسط سعر الكيلو 16 جنيها 

حسبما يذكر الدكتور محمد فراج، رئيس قطاع الثروة الحيوانية الأسبق بوزارة الزراعة، فى دراسته: فإن نصيب استهلاك الفرد من الألبان فى مصر يتراوح بين 23 - 25 كيلوجراماً فى السنة، بينما يصل فى معظم دول العالم إلى 100 كيلو فى السنة، وتعانى مصر من وجود فجوة بين إنتاج الألبان والاحتياجات منها تصل لنحو 2.5 مليون طن.

يعود ياسر، المُزارع ابن قرية كفر محمود، ليتحدث بإسهاب عن الصعوبات التى تواجهه وتؤثر سلباً بالطبع على إنتاجية مواشيه من الألبان، معتبراً أن ارتفاع أسعار الأعلاف، وعدم دعمها بالقدر الكافى، فى مقدمة الصعوبات: «العلف غالى النهارده، ودى أكبر مشكلة تؤثر على الفلاح.. لأن انت هتربى إزاى، ولو جاموستى جاعت هتدينى لبن إزاى؟!».

وأضاف: «الأول كانت الحكومة بتدعمنا، وبروح شركة علف معينة أصرف منها علف مُدعم، إنما دلوقتى لو مأمّن على بهيمتى بأروح أصرف شكارة «ردّة» 30 كيلو فى الشهر، بـ420 جنيها، وطبعا 30 كيلو ما تقضيش بهيمة حلّابة شهر».

هنا يلتقط زميله المزارع محمد على، طرف الحديث، قائلاً: «العلف بتاع المواشى غالى علينا، ومتوسط سعر الكيلو 16 جنيهاً، والجاموسة لازم تأكل كويس عشان تنتج لبن، والعائد منها قد لا يكفى أكلها، علما بأن كيلو اللبن يباع لدينا بـ 25 جنيهاً، وكيلو الجبن القريش بـ 50 جنيهاً».

ويعترف الدكتور محمد فراج، رئيس قطاع الثروة الحيوانية الأسبق بوزارة الزراعة، فى دراسته عن تحديات الاكتفاء الذاتى من اللحوم والألبان: أن «الزيادة المستمرة فى تكلفة الأعلاف من ضمن المشاكل التى تواجه المربين»، وأن ذلك يأتى رغم وجود «ثروة رهيبة من المخلفات الزراعية يجب استغلالها تقدر بنحو 35 مليون طن على الأقل من المخلفات الزراعية، تشمل مخلفات التصنيع الزراعى والمعاصر والتصدير، مثل «تفل العنب والزيتون» و«قشر الطماطم»، والنخيل والزعف، والتى يمكن الاستعانة بها بنسب معينة كأعلاف للماشية.

ويشير المسئول السابق بـ«الزراعة» إلى أنه «كان المفروض أن توفر الدولة معدات تجميع وفرم وتقطيع وكبس، ليتمكن الفلاح البسيط الذى لا يملك سوى رأس أو اثنين من الماشية، من استغلال هذه المخلفات»، لافتا إلى أن مركز البحوث الزراعية خاض تجربة جيدة فى هذا الصدد من خلال قسم فى معهد بحوث الإنتاج الحيوانى اسمه «قسم بحوث استخدام المخلفات الزراعية»، إلا أن «هذه التجربة للأسف لم تنتشر بشكل كبير»، حسب قوله.

ويزيد من أهمية ذلك، وفقاً لـ«فراج»، أن «مصر تستورد ما يصل إلى 12 مليون طن ذرة فى السنة، بأسعار مرتفعة، ونفس الشىء تقريباً بالنسبة للصويا»، وهو ما يشير لأهمية الأعلاف البديلة التى يؤكد العلم إمكانية الاستعانة بها وأهميتها، لكن المهم هو الإرشاد الذى يوعّى الفلاح بكيفية استخدام هذه البدائل، لكن للأسف الإرشاد يتراجع لدينا بشكل عام، بينما كان المفروض أن يكون لدينا مرشد متخصص فى الإنتاج الحيوانى».

إلى جانب ارتفاع أسعار العلف يتحدث «ياسر عبدالعليم»، الفلاح ابن قرية كفر محمود، كذلك بمرارة عن «الخدمات البيطرية»، قائلاً: «لمّا يكون فيه مرض الخدمات البيطرية ما بيجوش إلا بعد ما يكون اتمكن من المنطقة اللى هوه فيها.. وكان الأول يقول لك إلحق ده فيه تحصين، وبتيجى لجان للقرى لتحصين المواشى، إنما دلوقتى أنا بجيب الدكتور على حسابى، والمفروض يبقى فيه زى زمان، تدعيم وحملات ما تنقطعش».

يُرجع «ياسر» أيضاً النقص فى الجوانب البيطرية إلى تراجع دور «الوحدات البيطرية» المنتشرة فى معظم قرى مصر، لافتاً إلى أنه بعد أن كان الفلاح يسحب ماشيته بسهولة نسبية ويلجأ إليها لعلاجها ومتابعتها فى الوحدة البيطرية فى القرية المجاورة، لم يعد فى هذه الوحدات «إلا موظفين اتنين ولّا تلاتة، لأن اللى بيطلع معاش ما بيعينوش غيره، والدكتور إن قعد هناك ساعة مش هيقعد لك التانية»، حسب قوله.

يلتقط محمد على، المُزارع، طرف الحديث مرة أخرى، مشيرا إلى أنه مع المخاطر العالية والأمراض التى تهدد حياة الماشية، فإن التأمين على الماشية لا يصرف تعويضات للمربين لشراء بديل لها، قائلاً: «سبق وماتت بهيمة عندى وكنت مأمّن عليها وما أخدتش حاجة، وجار لنا تانى مات عنده 3 عجول ذكور ولم يأخذ تعويضاً»، مشيراً إلى أن من بين كل من يعرفهم من الفلاحين والمربين الموجودين فى منطقتهم التى تضم مئات المربين، فإن واحداً فقط هو الذى أخذ تعويضاً»، حسب قوله.

وفى زيارة للوحدة البيطرية الواقعة بالقرية المجاورة والمسئولة أيضاً عن عدة قرى أخرى، للرد على شكاوى الفلاحين، قال الموظفون إن الوحدة لا يوجد بها حالياً سوى طبيب واحد، وأنه لديه كشف فى الخارج، وبالاتصال بالطبيب تليفونياً، أشار إلى أن «الوحدة تقدم خدماتها بأسعار رمزية، وأن الكشف الداخلى بها سعره 15 جنيهاً، ويمكن طلب كشف منزلى بـ 30 جنيهاً حيث يتم عمل خط سير، ويكون الانتقال على حساب الفلاح، كما أن الوحدة توفر تحصينات الحمى القلاعية وغيرها من الأمراض بأسعار رمزية أيضاً تتراوح بين 12 جنيهاً و25 جنيهاً، ويتم صرف تعويضات أيضاً فى حالة وفاة الماشية»، وألقى باللوم على الفلاحين لأنهم «ما بيلجئوش لأهل العلم، وبيستسهلوا».

يعود «محمد على» ليتحدث عن معاناة الفلاح عموماً، والمربى الصغير للماشية المنتجة للبن فى نفس الوقت، والتى تؤثر من وجهة نظره على إنتاج اللبن، قائلاً: «الفلاح اللى عنده فدان النهارده بيعانى، وشكارة الكيماوى اللى مفروض نجبها بـ265 جنيهاً، بنجبها من السوق السوداء بـ 1000 جنيه، والأرض ناقصة سماد من ناحية، ومملحة من ناحية تانية نتيجة لسوء شبكة الصرف الزراعى».

 «نشأت»: الدودة بتاكل الذُرة اللى بنعلف بيه

هنا يتدخل رأفت، الفلاح الذى يمتلك جاموستين، مستشهداً بعود ذرة من أرضه أكلت الدودة جزءًا ليس بالقليل من أوراقه، مخلّفة «ثقوباً» كبيرة وواضحة به، قائلاً بحسرة: «آدى الدرة اللى شاريين شكارة التقاوى بتاعته بـ 2600 جنيه، واللى الدودة واكلاه، ده اللى هنأكّله للجاموسة.. وكل ده بيأثر على الإنتاج الزراعى اللى بنأكّل منه البهايم.. فين بقى الإرشاد الزراعى؟».

ومن ناحيته، يؤكد الدكتور محمد فراج، رئيس قطاع الثروة الحيوانية الأسبق، أنه بما أن 80% على الأقل من الإنتاج الحيوانى بما فيه إنتاج الألبان فى مصر فى يد الفلاح وصغار المربين، فبالتالى يجب أن تُركز الدولة بشكل كبير عليهم، قائلاً: «إذا كنا نريد إنتاجاً حيوانياً، وتغطية العجز الموجود، فلا بد أن تكون أعيننا على المربى الصغير، باعتباره الأساس، ونرفع كفاءته وندعمه عن طريق الإرشاد والتدريب، وصندوق التأمين، ووحدات الخدمات البيطرية، كما يجب أن يكون للتعاونيات دور قوى فى الأخذ بيد المربين، وتفعيل قروض البنوك لدعم تربية الثروة الحيوانية بضمان الرأس نفسها، بعيداً عن التعقيدات واشتراط وجود رخصة، بالإضافة لتسهيل التأمين على الثروة الحيوانية».

استراتيجية 2030 تشمل توفير الأعلاف بأسعار مناسبة وتطوير السلالات وزيادة القوافل الطبية واللقاحات

وكان وزير الزراعة الجديد، علاء فاروق، قد اعترف عقب توليه المسئولية فى يوليو الماضى، بوجود مشكلات فى أداء الوزارة سابقاً، مشيراً إلى عزمه مواجهتها، حيث أصدر، بحسب بيان رسمى للوزارة، توجيهات إلى قيادات الوزارة والعاملين فيها «تمثل أولويات وخطة عمل فى المرحلة القادمة»، وتشمل ضرورة تكثيف الوجود على الأرض بين المزارعين فى الحقول، وتفعيل دور الإرشاد الزراعى والطب البيطرى على مستوى قرى الريف، وتحسين السلالات بالتنسيق مع مديريات الطب البيطرى».

ووجه الوزير بـ«متابعة سير العمل بالجمعيات الزراعية، وأكد ضرورة الاهتمام بالبحث العلمى من خلال مراكز البحوث والعلماء الأجلاء بالمراكز، وتطبيق أفضل التجارب لزيادة إنتاحية الفدان، كما أكد مسئولية مديرى المديريات عن توزيع الأسمدة بشكل عادل على الجمعيات الزراعية ومعالجة القصور والعجز فى إمداد بعض المحافظات، مشدداً على أنه «يتعين اتخاذ الإجراءات التصحيحية لأى مشكلات سابقة».

20396312041727629430.jpg641833341727629432.jpg

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق