جريدة جريدة وطني

وثقوا العدوان على القطاع.. صحفيون فلسطينيون: «الموت يلاحقنا.. وسنفضح الاحتلال»

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
وثقوا العدوان على القطاع.. صحفيون فلسطينيون: «الموت يلاحقنا.. وسنفضح الاحتلال», اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024 09:03 مساءً

على بُعد بضعة أمتار من المبنى الذى استهدفته إحدى الغارات الإسرائيلية فى مدينة خان يونس جنوبى قطاع غزة أواخر شهر سبتمبر الماضى، كان الصحفى العشرينى صالح الجعفراوى يحمل كاميرته الخاصة بينما يمشى بخطى متسارعة ليقتحم سُحب الدخان وألسنة اللهب، قبل أن تلتقط عدسته مشاهد لأشلاء عائلة «الزرد»، التى مزَّقتها صواريخ طائرات الاحتلال الإسرائيلى.

قبل أن يعود الشاب صاحب الـ26 عاما إلى خيمته فى ساحة مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح وسط القطاع والمعروفة بـ«خيمة الصحفيين»، ويجلس أمام جهاز الحاسب الآلى لينقل الصور التى توثق حجم المجزرة التى تعرّض لها المدنيون، ليقوم عقب ذلك بنشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعى وتحديداً تطبيق «إنستجرام»، فى محاولة منه لإيصال رسالة إلى العالم، بعد مرور عام على العدوان الإسرائيلى، مفادها: «لا تعتادوا المشهد فنحن ما زلنا نُقتل».

«الجعفراوى»: أصبحنا نتخلى عن «الدرع الصحفى» لأنه مصدر تهديد وذريعة لاستهدافنا

يقول «الجعفراوى»، الذى وُجد فى الميدان منذ السابع من أكتوبر الماضى، إن تلك المرة ليست هى الأولى فى توثيقه لأحداث العدوان على القطاع، ولكنها الأصعب والأخطر، ويتابع: «لا يوجد أى مكان هنا فى غزة من شمالها إلى جنوبها آمن، وبالتالى الجميع مستهدف، وخاصة الصحفيين أو كل من يقوم بفضح جرائم وانتهاكات الاحتلال، وهو أمر غير جديد، ولكن أصبح ممنهجاً فى تلك الحرب، ولذلك استشهد هذا العدد الكبير من الزملاء الصحفيين».

وعلى الرغم من كون الدرع الصحفى الشهير هو الأساس بالنسبة لمن يقوم بتغطية أخبار الحروب من على الأرض، ليكون بمثابة حصن أمان بأن من يرتديه لا يشكل خطراً عسكرياً على الطرف الآخر، إلاّ أنّه بالنسبة للصحفيين فى قطاع غزة إشارة خطر وذريعة كافية لطائرات الاحتلال لاستهدافه: «صرت أخلع الدرع لما أطلع لتغطية أى استهداف لأنه ممكن يتم قصفى لكونى صحفياً، وذلك فى محاولة للاحتلال لتكميم أفواه الفلسطينيين ومنع أى صوت أو صورة تفضح الجرائم التى يرتكبها فى حق الشعب الأعزل الذى يتم ذبحه منذ عام».

«إسماعيل»: «كل مرة بغطى فيها القصف بشيل روحى على كفى»

لا يختلف الأمر بالنسبة للصحفى إسماعيل جود، 28 عاماً، الذى نزح رفقة عائلته من شمال مدينة غزة، واستقر وسط القطاع، إذ يبدأ يومه فى السادسة صباحاً لتأمين حصة من المياه الصالحة للشرب، قبل أن يبحث عن الغذاء والدواء لوالده المسن، وفى وسط تلك الأمور التى تستغرق وقتاً طويلاً ومجهوداً مضاعفاً، يهرع «إسماعيل» بمجرد سماع صوت الطائرات الحربية إلى المكان المستهدف، ليباشر عمله الصحفى الذى حصد أرواح زملائه فى المهنة: «فى الحقيقة لم أكن أتصور أن أصبح مصوراً صحفياً فى يوم من الأيام، ولم أتخيل أن تصبح عدستى التى كانت شاهدة على صور الأفراح والبهجة هى ذاتها التى توثق مشاهد الدم والأشلاء والقتل والدمار»، إلا أن الحرب فرضت قوانينها على الصحفى العشرينى، وتابع: «بدأت أتجه للتصوير الصحفى بعد نزوحى من مدينة غزة، وذلك بعد شهر تقريباً من بداية العدوان، والأمر ليس سهلاً أبداً، فى كل مرة أطلع فيها على مكان القصف بكون شايل روحى على كفى، وما بكون متأمل إنى أرجع عايش لأهلى».

«نوفل»: «خروجى من تحت أنقاض منزلنا كان هو الدافع لممارسة العمل الصحفى»

إبراهيم نوفل، شاب لم يبلغ عامه الثلاثين، إلا أن خروجه من تحت أنقاض منزله بمخيم جباليا، شمال قطاع غزة، فى بداية العدوان الإسرائيلى، أواخر شهر أكتوبر الماضى، جعله يبدو كمُسن لديه خبرة فى الحياة لا يُستهان بها، ليكون ذلك الحدث هو الدافع الأساسى له فى مباشرة العمل الصحفى، سواء بالكتابة أو التوثيق بالصور، يقول: «والدى رياض نوفل كان من أوائل الناس الذين امتلكوا استديوهات تصوير فى غزة ونشأت وأنا بحب التصوير وكان عندى كاميرا أوقات أستخدمها فى المناسبات العائلية عشان تكون عندى صور للذكرى، بس بعد ما تم قصف دارنا واستشهاد خالتى والعشرات من عائلتى قررت أكون مصور صحفى ونجوت عشرات المرات من الموت، وأتمنى إنى أضل عايش لحد ما أحضر نهاية هاى الحرب المدمرة».

«كساب»: «المشاهد تجعلنا ننهار.. ولكن لا بد من استعادة قوتنا لأننا صوت الضحايا»

وحول طريقة توثيق جرائم الاحتلال وتغطية الحرب على القطاع يقول محمد كساب، صحفى ثلاثينى، يقطن بمدينة دير البلح، إنه يمتلك كاميرتين، ويعمل فى المجال الصحفى منذ سنوات، وبالتالى لديه المهارة لمعرفة الأوقات التى يستخدم فيها الكاميرا الكبيرة أو كاميرا الهاتف المحمول لتغطية الحدث، ويتابع: «العمل الصحفى محفوف بالمخاطر، ولا بد من معرفة متى يمكن استخدام الكاميرا أو الاكتفاء بالتقاط الصور بالجوال، وبشكل شخصى فأنا أفضِّل دائماً أثناء التغطية أن أذهب إلى الأماكن التى استهدفتها غارات الاحتلال بعد مرور ساعة على القصف، وذلك للتأكد من أن المكان أصبح آمناً إلى حد ما، لأنه فى أوقات كثيرة تقوم الطائرات بتجديد الغارات والقصف مرة أخرى، وهذا أحد أساليب تأمين النفس، لأنه من المهم جداً أن يكون الصحفى هو مصدر نقل الخبر وليس الخبر بحد ذاته»، وأضاف: «طبعاً فى كثير من الأحيان ننهار من المشاهد، خاصة للأطفال وكبار السن، ولكن لا بد من أن نستعيد قوتنا مرّة أخرى لأننا صوت لهؤلاء الضحايا المستضعفين».

أخبار متعلقة :