جريدة جريدة وطني

«إلحقيني يا أمريكا».. جولدا مائير عاشت بكابوس «حرب أكتوبر» حتى موتها

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«إلحقيني يا أمريكا».. جولدا مائير عاشت بكابوس «حرب أكتوبر» حتى موتها, اليوم الأربعاء 9 أكتوبر 2024 07:17 صباحاً

في يوم السادس من أكتوبر عام 1973 طلبت رئيسة وزراء إسرائيل حينها، جولدا مائير، عقد اجتماع للحكومة الإسرائيلية عند الظهيرة، كما طلبت من السفير الأمريكي لدى إسرائيل آنذاك كنيث كيتنج، أن يأتي لمقابلتها وأبلغته أمرين، الأول أنه طبقًا لتقارير المخابرات الإسرائيلية فإن الهجوم المصري والسوري الذي تم التحذير منه بحسب المعلومات التي وردتها، سوف يبدأ في ساعة متأخرة من بعد الظهر، وأن جيش الاحتلال الإسرائيلي لن يبدأ الضربة الأولى، كذلك فربما يكون هناك شيء يمكن عمله من أجل منع وقوع الحرب سواء بتدخل أمريكي مع الروس أو حتى مع المصريين والسوريين مباشرة.

وكانت جولدا، خارج إسرائيل، قبيل اشتعال حرب السادس من أكتوبر بعدة أيام، وعادت من رحلتها الخارجية يوم الخميس 4 أكتوبر 1973، وفور عودتها، عقدت اجتماعا مع «المطبخ السياسي» وسُمي بذلك لأنها كانت تعقد الاجتماعات مع القيادات في مطبخ منزلها، وكان الاجتماع يضم مجموعة العناصر البارزة في الوزارة والجيش لبحث الموقف، وخلال الاجتماع يتم استعراض المعلومات التي كانت وصلتها في شهر مايو - أي قبل الحرب بخمسة أشهر - حول تعزيزات القوات المصرية والسورية على الحدود.

خيبة أمل جولدا مائير نتيجة خطة الخداع المصرية

وصفت جولدا مائير، شعورها بخيبة الأمل، نتيجة خطة الخداع التي قامت بها القوات المسلحة المصرية، لتصف شعورها إزاء هذه الخيبة، بقولها: «لم يكن منطقيا أن آمر بالتعبئة مع وجود تقارير مخابراتنا العسكرية، وتقارير قادتنا العسكريين، التي لا تبررها! لكني ـ في نفس الوقت أعلم تماما أنه كان واجبا عليَّ أن أفعل ذلك! وسوف أحيا بهذا الحلم المزعج بقية حياتي، ولن أعود، مرة أخرى، نفس الإنسان الذي كنته قبل حرب يوم كيبور».

«كان هناك تفوق ساحق علينا من الناحية العددية سواء في الأسلحة أو الدبابات أو الطائرات أو الرجال وكنا نقاسي من انهيار نفسي سحيق، ولم تكن الصدمة في الطريق التي بدأت بها الحرب فحسب، ولكن أيضا في حقيقة أن عددا من افتراضاتنا الأساسية قد ثبت خطؤها، فقد كان احتمال الهجوم في أكتوبر ضئيلا، وكان هناك يقين بأننا سنحصل على الإنذار الكافي قبل وقوع الهجوم، وكان هناك إيمان بأننا سنقدر على منع المصريين من عبور قناة السويس، ولم يكن ممكنا أن تكون الظروف أسوأ مما هي عليه الآن، إنني لن أحاول حتى أن أصف كيف كانت تلك الأيام بالنسبة لي، وأظن أنه يكفي أن أقول إنني لم أستطع أن أبكي عندما انفردت بنفسي.. وكان من النادر أن أبقى بمفردي فقد كنت أمكث في مكتبي طوال الوقت أو أذهب بين الفينة والأخرى إلى غرفة الحرب، وكنت أذهب إلى المنزل لكي أستلقي قليلا إلى أن يستدعيني التليفون للعودة، وكانت الاجتماعات مستمرة طوال الليل والنهار تتخللها مكالمات تليفونية من واشنطن أو أنباء سيئة من الجبهات، وكانت الخطط توضع وتخلل وتناقش، ولم تكن فترة غيابي عن المكتب تزيد على الساعة فقد كان موشيه ديان ورئيس الأركان ودبلوماسيو وزارة الخارجية والوزراء يأتون إلى باستمرار، إما لاطلاعي على آخر التطورات أو لطلب مشورتي في مختلف الأمور، وكنا في أحلك الأيام تلك التي عرفنا فيها مدى الخسائر التي لحقت بنا، لقد كنت أعرف أن كل تقرير حول إمكانية مواجهة المصريين يحمل في طياته الثمن الباهظ الذي ندفعه من الأرواح البشرية وكان بمثابة سكين تغمد في قلبي، و لا أظنني سوف أنسى ذلك اليوم الذي سمعت فيه أسوأ التنبؤات المتشائمة»، بحسب جولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل السابقة.

جولدا مائير: لقد شنت علينا الحرب بأسلحة مفزعة

تقول جولدا مائير: «لقد شنت علينا هذه الحرب بأسلحة مفزعة مثل الصواريخ المضادة للدبابات التي كانت تحيل الدبابات إلى لهيب مشتعل (وتعجن) أطقمها داخلها إلى درجة يستحيل معها التعرف على هوياتهم».

تؤكد جولدا في مذكراتها، أنه مع مسيس الحاجة للسلاح كان تكرار طلب السلاح من أمريكا والاستياء مِن تأخيره، حتى إنها اتصلت ذات مرة بسفيرها في واشنطن في الثالثة صباحًا، وسألته: «لماذا لم يبدأ الجسر الجوي بعد؟»، وأخبرها عدم إمكان التحدث مع أحد من المسؤولين الأمريكيين في هذا الوقت المبكر للغاية، فصرخت فيه بغضب: «لا يهمني ما هي الساعة الآن، اطلب كيسنجر حالا، في وسط الليل، نحن في حاجةٍ إلى النجدة بسرعة اليوم؛ لأنها قد تكون متأخرة جدا غدا».

وأشارت إلى أنها كانت كل ساعة مِن ساعات الانتظار تنقضي وكأنها قرن بالنسبة لي، ولم يكن أمامنا خيار إلا أن يصمدوا آملين أن تحمل إليهم الساعة المقبلة أخبارا أفضل، وأبلغت سفيرها في واشنطن تليفونيا أنها على استعداد للسفر إلى الولايات المتحدة سرا لمقابلة نيكسون إذا كان بوسعه ترتيب ذلك، وقالت له له: «أبلغني حالا فأنا أريد السفر بأسرع ما يمكن»، مشيرة إلى أن ذلك لم يكن ضروريا فقد أمر نيكسون بنفسه أخيرا بإرسال الطائرات الجبارة «جالاكسي»، ووصلت أولى رحلاتها في اليوم التاسع من الحرب الموافق 14 أكتوبر 1973، إذ أن هذا الجسر الجوي لا يمكن تقدير قيمته، إنه لم يرفع فقط من روحها المعنوية، وإنما ساهم في توضيح الموقف الأمريكي أمام الاتحاد السوفيتي، وساعد إسرائيل من الناحية العسكرية، لتبكي لأول مرة منذ بداية الحرب عندما علمت أن الطائرات قد حطت بمطار اللد.

أخبار متعلقة :