جريدة جريدة وطني

سامح فايز يكتب: هوامش على ثقافة جيل (3 - 4)

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سامح فايز يكتب: هوامش على ثقافة جيل (3 - 4), اليوم الاثنين 21 أكتوبر 2024 06:03 صباحاً

عندما انتقل حسن البنا بالمركز العام للإخوان من الإسماعيلية مدينة التأسيس إلى القاهرة مدينة حلم الانتشار، أدرك منذ اللحظة الأولى أن طريقة العمل فى القاهرة مختلفة تماماً عن عمل الإخوان فى الإسماعيلية، فالبداية التى تأسست عليها الجماعة شكَّلها أعضاء من فئة الصنايعية بمستوى تعليم متدنٍّ. 

أما القاهرة فهى قاهرة لن يصلح معها سوى شباب متعلم يستطيع الوقوف صلباً أمام التيار الجارف لشباب حزب الوفد الذى خرج من رحم ثورة 1919 وعاصر سعد زغلول ومصطفى النحاس، فى تلك المرحلة قرر البنا تأسيس لجنة الطلبة عام 1933 معتمداً فيها على مجموعة مكونة من ستة طلبة أغلبهم من كلية الآداب بجامعة فؤاد «جامعة القاهرة»، وطالب بكلية التجارة، وطالب بكلية الطب سينشق عنهم لاحقاً.

تلك المجموعة من الطلبة ستكون الأكثر حظوة فى الجماعة والمقربة إلى «البنا» لأنها المجموعة التى حققت له حلم الانتشار بين الشباب، وبعد أن كان أغلب الشباب الأعضاء فى الجماعة من طلبة الجامع الأزهر أصبح لدى الجماعة الآلاف من التابعين من الكليات الحكومية العلمية فى انتفاضة 1946 والذين قدَّرهم أحمد عبدالله رزة فى كتابه «الطلبة والسياسة فى مصر» بأربعين ألف تابع.

المسألة لن تتوقف عند ذلك الحد، بل سيوطد البنا علاقته بشكل أكبر بقسم الطلاب لأهميته وستحدث المصاهرة بين البنا وأحد أبرز من أسسوا ذلك القسم الطالب بكلية الآداب عبدالحكيم عابدين، والذى سيصبح لاحقاً وكيلاً للجماعة بعد أن يتخلص البنا من الأصدقاء القدامى المعترضين على حظوة الطلبة وتنحية القيادات التاريخية مثل أحمد السكرى وحسين عبدالرازق وإبراهيم حسن. 

حتى إن عبدالحكيم عابدين سيُتهم ويدان بشكل مباشر بإقامة علاقات جنسية مع فتيات الجماعة ممن سُجن أزواجهن، لكن البنا لن يعتمد ذلك التقرير وسيفصل القيادات التاريخية ويضع عبدالحكيم عابدين فى مقدمة الجماعة، لدرجة أنه سيرسله مبعوثاً عن الجماعة إلى اليمن عام 1948 مشاركاً فى ثورة اليمن ضد الإمام يحيى بدعم من جماعة الإخوان، لكن الثورة ستفشل سريعاً على يد أحمد ابن الإمام يحيى وسيُقبض على عابدين ويصدر عليه الحكم بالإعدام، هنا سيقلب البنا الدنيا رأساً على عقب ويذهب إلى البرلمان المصرى مطالباً بإنقاذ عابدين، وبالفعل سيعود إلى مصر وينجو من الإعدام.

مع صعود قوة الطلبة عمل البنا على تأسيس لجنة الاتصال بالعالم الإسلامى وهى البذرة الأولى للتنظيم الدولى للإخوان، واعتمد فيها أيضاً على الطلبة المبعوثين للدراسة فى الغرب، وكان أول المبعوثين طالب ذهب لدراسة القانون فى فرنسا، وبدأ فى نشر فكر الجماعة بين الطلبة العرب المبعوثين للدراسة فى الغرب، وتكررت المسألة مع آخرين، تحديداً فى الخمسينات، مع سفر زوج ابنة البنا سعيد رمضان إلى ألمانيا، وهو أيضاً والد حفيده طارق رمضان أحد أشهر المفكرين داخل الإخوان الآن، وهو للصدفة قد أدين قبل أسابيع بالاغتصاب!

صاحب ذلك الصعود عام 1942 تأسيس البنا شركة الإخوان للطباعة والنشر شركة مساهمة مصرية، وذكر عضو الجماعة أحمد عادل كمال فى مذكراته «النقط فوق الحروف» أن رأس مال الشركة 70 ألف جنيه، وهو رقم ضخم جداً أظن أنه مبالغة من كمال لأنه يوازى اليوم 70 مليون مثلاً، لكنه على أى حال مذكور فى مذكرات منشورة لعضو فى الإخوان عاش ومات عضواً بالجماعة وهو أحد من أسسوا النظام المسلح للجماعة!

تلك الأعمدة الثقافية التي أسسها البنا كانت الحائط الذى استندت عليه الجماعة فى تأسيسها الثاني بعد الخروج من السجون فى التسعينات، بالتحديد أعضاء لجنة المبعوثين إلى الغرب، وعلى رأسهم من سنعرفه فى الثمانينات بوزير مالية الإخوان يوسف ندا!

أخبار متعلقة :