جريدة جريدة وطني

صراعات البيت الأبيض .. شهادة مكماستر في عهد ترامب

في عالم السياسة، تبقى لحظات التوتر والأزمات داخل أروقة الحكم غالباً بعيدة عن أعين العامة، حيث تختلط الأجندات الشخصية والمصالح الوطنية في إطار معقد يصعب فهمه من الخارج، يحاول البعض من خلال المذكرات والكتب تقديم روايات من قلب الأحداث، تسعى إلى تسليط الضوء على ما يدور وراء الكواليس وما يخفيه الإعلام عن المتابعين.
التنافس المتنامي داخل البيت الأبيض يضعف قدرة أمريكا على قيادة العالم بفعالية
يأتي كتاب «في حرب مع أنفسنا: خدمتي فـي البيت الأبيض فـي عهد ترامب» ليقدم وجهة نظر هربرت ريموند مكماستر، أحد أبرز المسؤولين الذين عايشوا من كثب مرحلة حرجة من تاريخ الولايات المتحدة، في محاولة لفهم السياسات والاستراتيجيات المتشابكة التي تحدد مكانة أمريكا على الساحة الدولية.
يقدم هربرت ريموند مكماستر، مستشار الأمن القومي السابق، شهادته حول تجربته في البيت الأبيض تحت قيادة الرئيس دونالد تـرامب. يعكس الكـــتاب توترات إدارة ترامب ويسلط الضوء على ديناميكيات العمل المعقدة التي واجهها مكماستر كجـندي وسياسي ضمن إدارة مثقـلــة بالخـــلافات والانقسامات السياسية الحادة في الولايات المتحدة.
يبدأ مكماستر بسرد تفاصيل دخوله إلى البيت الأبيض، حيث عكف على تحقيق توازن بين توجيه رئيس يتمتع بشخصية قوية ومتقلبة نحو قرارات استراتيجية تدعم المصالح الأمريكية، وبين مواجهة صعوبات البيروقراطية والتحديات السياسية المتشابكة. ورغم أن جميع الإدارات تواجه بعض التحديات مثل الصراعات الداخلية، فقد عانى مكماستر بشكل خاص من محاولات بعض المستشارين السياسيين لاستغلال مناصبهم من أجل تحقيق مكاسب شخصية ضيقة، مفضّلين التلاعب بمواقف الرئيس بدلاً من تقديم خيارات واقعية تخدم الأمن القومي. 
ويرى مكماستر أن هؤلاء الأفراد سعوا لتحجيم دور مستشاري الأمن القومي، ما دفعه للتركيز على بناء تحالفات قوية داخل واشنطن وعلى الساحة الدولية لدعم سياسات ترامب.
علاوة على ذلك، يوفر الكتاب نظرة فلسفية حول القيادة والمسؤولية الوطنية، وبصفته ضابطاً سابقاً في الجيش الأمريكي، يبرز مكماستر أهمية الثبات في مواجهة التحديات وعدم التفريط في المصالح الوطنية مقابل مكاسب آنية، مشدداً على ضرورة أن يتمسك القادة بمبادئهم في وجه الضغوط السياسية، من خلال عرضه لحياته في البيت الأبيض، يقدم مكماستر أيضاً رؤى حول كيفية تأثير الشخصيات المختلفة على تشكيل السياسات، يعرض نماذج من العلاقات المعقدة التي جمعته بمسؤولين آخرين في الإدارة، البعض منهم كانوا ينظرون إليه كحليف، بينما سعى آخرون لإضعاف سلطته عبر مناورات خفية، ويعتبر مكماستر أن هذه التجارب زادته قناعة بأهمية الثقة بين المسؤولين وتأثير غيابها على عملية صنع القرار.
وفي تحليله لأداء إدارة ترامب، يعبر مكماستر عن قلقه من الاتجاهات المتطرفة في السياسة الأمريكية، سواء من قبل السياسيين أو وسائل الإعلام، مؤكداً على أهمية التصدي لهذه الانقسامات التي تهدد النسيج الاجتماعي الأمريكي، ويرى أن النزاع الداخلي المتنامي داخل البيت الأبيض يعكس الانقسام الأوسع في البلاد، ويؤكد أن مثل هذه التوترات تضعف قدرة أمريكا على قيادة العالم بفعالية.
كما يدعو إلى تبني سياسات أكثر شمولاً ووضـــوحاً، ويحذر القادة المستقــبلــــيين من الانغــــمــاس فـي الأجندات الشخصية بدلاً من الاهتمام بالمصالح العامة.
يُعتبر الكـتاب الصادر عن دار «هاربر» فـي 2024 ضمن 368 صفحة، دعوةً لإعادة التفكير في دور الولايات المتحدة على الساحة الدولية، حيث يطرح مكماستر تساؤلات حول حدود القوة الأمريكية، وما إذا كانت التحديات الداخلية تهدد بقاءها كقوة عالمية.

أخبار متعلقة :