متابعات: «الخليج»
بعد أحداث 6 يناير 2021، واقتحام أنصار دونالد ترامب لمبنى الكابيتول الأمريكي، قبل جلسة التصديق على فوز منافسه جو بايدن بالرئاسة الأمريكية، لم يتخيل أشد المؤيدين حماسة للملياردير الجمهوري احتمال عودته مجدداً للبيت الأبيض، في ظل زخم الاتهامات بأنه من حرض على اقتحام المبنى، رغم نفيه المتكرر لذلك، ولكن بعد نحو أربع سنوات وفي ظل كونه حافظ على إيمانه بحظوظه حتى النهاية تمكن من تحقيق النصر، بل و«أعظم عودة تاريخية» إلى البيت الأبيض كما يصفها محللون.
ولم يجد دونالد ترامب كلمات تعبر عن تمكنه من العودة إلى البيت الأبيض رغم ما واجهه من عقبات تكاد تكون مستحيلة، سوى القول إن هذا «أمر جنوني.. لقد تخطينا عقبات لم يتصور أحد أنها ممكنة»، ليلتقط نائبه جي دي فانس طرف الخيط ويقول «شهدنا أعظم عودة سياسية في تاريخ أمريكا»، وبالنظر إلى تسلسل الأحداث فقد يكون الرئيس القادم إلى البيت الأبيض ونائبه الواعد على حق.
ورغم أن هذه ثاني مرة في التاريخ الأمريكي يحصل فيها رئيس على فترتين غير متتاليتين، فإنها غير مسبوقة بالنسبة لمرشح يواجه تهماً جنائية وعدة قضايا، فضلاً عن تعرضه لمحاولتي اغتيال خلال حملته الانتخابية، ثم مواجهته اثنين من مرشحي الحزب الديمقراطي أولهما جو بايدن الذي خاض ضده مناظرة دفعته للانسحاب واستبداله بنائبته كامالا هاريس علها تحقق النصر الديمقراطي المأمول.
بدأت رحلة تحدي ترامب، منذ يناير عام 2020 عندما أعلن انتصار جو بايدن رسمياً بالانتخابات الرئاسية، لكن ترامب وحتى اليوم لم يعترف أبداً بهزيمته، وقال إن الانتخابات قد سرقت ووقعت أحداث تزوير أدت لهزيمته، ثم قام عدد من أنصاره باقتحام مبنى الكابيتول حيث مقر الكونغرس الأمريكي، في نفس اليوم الذي كان يصادق فيه على فوز بايدن، ومن يومها تعزز الانقسام والتلويح بحرب أهلية في الولايات المتحدة.
لكن ترامب تمكن بعد ذلك من الفوز بالانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري ضد نيكي هايلي، لكنه تغلب عليها باكتساح، ليصبح مرشحاً عن الجمهوريين.
وفي إبريل/نيسان، بدأت في نيويورك أول محاكمة جنائية لترامب، وبعد جلسات محاكمة استمرت أسابيع وحظيت بتغطية إعلامية واسعة، دين بتهمة دفع أموال بطريقة سرية لممثلة خلال حملته الانتخابية في 2016 حتى لا تتحدث عن علاقة مزعومة بينهما.
ورغم ذلك، لم ينل هذا الحكم غير المسبوق، والاتهامات الثلاثة الأخرى الموجهة إليه جنائياً، من شعبية ترامب في صفوف أنصاره الذين ينددون على غراره بتسييس القضاء.
في المقابل، بات الديمقراطيون يصفونه بأنه «مجرم مدان» إلا أن المحكمة العليا خففت خلال الصيف من الملاحقات الجنائية في حقه مع إلغاء تلك الموجهة إليه في فلوريدا، بينما أرجأ القاضي الذي يرأس محاكمته في نيويورك إصدار الحكم إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية.
وبدأت الحملة الرئاسية كأنها نسخة من الانتخابات الماضية، حيث تنافس جو بايدن ودونالد ترامب، إلا أنه بعد الأداء الكارثي للرئيس الأمريكي في المناظرة الرئاسية تم استبداله بهاريس، والتي أحدثت زخماً قوياً، رغم أنها جاءت في وقت متأخر من الحملة، ووجد ترامب نفسه فجأة يواجه خصماً جديداً عليه التعامل معه.
لم تسر الأمور في البداية لصالح ترامب، فبعد مناظرة مع هاريس تمكنت فيها من التغلب عليه، أعقبتها بجمع أموال أكثر كتبرعات لحملتها، لكن ترامب لم يستسلم وواصل خطته الثابتة وهجماته التي لم تتغير، خصوصاً ما يتعلق بملف الهجرة. ورغم محاولة هاريس استغلاله بتصوير المنافسة الرئاسية على أنها بين مدعية عامة سابقة ومجرم مدان، لكن ترامب تمكن من التغلب على ذلك.
ـ محاولتا اغتيال ـ
في 13 يوليو/تموز، سمع إطلاق رصاص تبين أنه محاولة اغتيال تعرض لها ترامب خلال تجمع انتخابي في ولاية بنسلفانيا. وقد أصيب إصابة طفيفة في الأذن، إلا أن صور الحادث دخلت التاريخ مع رفعه قبضته وهو مصاب صارخاً «قاتلوا». وزاد الحادث من شعبيته في صفوف مؤيديه المتحمسين وقد اختير رسمياً بعد أيام قليلة مرشحاً للحزب الجمهوري خلال المؤتمر العام للحزب في ميلواكي.
وظهر في المؤتمر مع ضمادة كبيرة على أذنه، واختار يومئذ السيناتور جاي دي فانس لمنصب نائب الرئيس في حال فوزه.
وقبل شهر من الانتخابات وبعد محاولة اغتيال جديدة استهدفته في فلوريدا، عاد ترامب إلى باتلر في إطار تجمع انتخابي كبير بمشاركة إيلون ماسك صاحب شركتي «تيسلا» و«سبيس إكس» المنخرط بالكامل في حملة المرشح الجمهوري.
وفي ظل التقارب الشديد في المنافسة بين ترامب وهاريس وفق ما كشفته استطلاعات الرأي حتى موعد فتح مراكز الاقتراع، فقد رجح مراقبون أن تشهد الانتخابات أحداثاً غير مسبوقة في التاريخ الأمريكي، وسط تهديدات بأعمال عنف، لكن ترامب حقق المفاجأة المذهلة وتمكن من تحقيق فوز مريح وصفه بـ«الجنوني» أمام حشد من أنصاره.
أخبار متعلقة :