نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بوح عبدالرحمن الراشد وأسراره, اليوم الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 12:26 صباحاً
بدايات مراهق فشل في معهد ديني أجبر عليه، ولكنه استمر وعاند وثابر وحظي بدعم جنيات سندريلا، لتحقيق أكوام أحلام تشعلها نظراته.
حوار متنوع المواضيع أخاذ، وأسئلة وردود مغلفة بتلقائية وذكاء ضيف مخضرم يحكي بأريحية واستحضار للتواريخ، ومحطات اكتفاء، وخروج عن المعتاد، وذكر شخوص وعظماء دعموا خطواته.
فرصته الأولى بعد الثانوية العامة بالعمل صحفيا بإحدى أكبر الصحف السعودية "الجزيرة"، وعلاقات مباشرة برئيسها، وتمكن التدرب الذاتي والميداني، واقتناص فرص صناعة المقالات والتقارير والحوارات، ثم قفزة بعثة لأمريكا، بمعونة جنية أخرى آمنت بقدراته.
تطلع لدراسة الإنتاج السينمائي حلم لا يطابق واقع السعودية حينها، متزامنا مع تعيينه مديرا لمكتب صحيفة الجزيرة بأمريكا، وخوض عجائبية استمرار تفتح الأبواب العريضة أمامه، وهو مجتهد يترك الأثر، بمقالات وتقارير ساخنة، ومقابلات مفصلية طموحة مع كبار المسؤولين، ورؤساء دول عدة، حين لم تعد الجنية تشترط عليه العودة قبل منتصف الليل!
يعود من البعثات عشرات الآلاف من الخريجين السعوديين فرحين بشهاداتهم، مرتضين بأي وظيفة عسكرية أو حكومية، بينما أثبت الضيف التقدمي اختلاف تفرعات أغصانه بشغف لا يتوقف، فيدعى إلى بريطانيا للعمل نائبا ثم رئيسا لأهم المجلات السياسية حينها "المجلة"، ثم تمكينه من رئاسة جريدة الشرق الأوسط، الصرح السعودي ذو الرؤية العربية المعتدلة، تتحدى معظم أطياف قوى الإعلام العربية والعالمية، فيثبت قدراته الخارقة على إدارة غرفة الأخبار برؤى جديدة وطنية مؤزرة بدعم سحري من أصحاب هذا الكيان الإعلامي الأعظم، رغم معاناته من تباين توجهات كبار الصحفيين والكتاب العرب العاملين معه.
عبدالرحمن لم يولد وفي فمه ملعقة ذهب، ولكن أغلب من مر بهم من ملوك وأمراء وكبار مسؤولين ظلوا يعلمونه مصنعية الذهب، في مهنة تشويق وأضواء وبحث ظل يعشقها منذ صحيفة الحائط المدرسية.
لقاء أوقد حسي الصحفي ببعض شبهات الغموض، فلم يحك لنا الضيف والشخصية العامة عن علاقاته بوالديه ومجتمعه القريب، وأسباب تعطشه للغربة وتأخر دخوله لبيت الزوجية، وأساس نشأة أفكاره الليبرالية وتأثيراتها على مساره الإعلامي!
ويمتلك شركة ORTV للإنتاج الإعلامي، وينتج عدة أفلام سعودية وثائقية هامة، قبل وصوله باستحقاق لقيادة قناة العربية، ذاك الاسطرلاب الفلكي الراصد لأبراج وأحداث العالم وخلافاته، ومغالبة معتركات ثقافية وسياسية وحربية، وصحوة وإرهاب، ومنافسة توجهات قناة الجزيرة، بطيفها المعاكس، فكان يبحر بين الأنواء، ويشارف على الغرق مرات، وكم تنقذه نباهته وعزيمته، أو جنية طيبة راعية، أو استقالة!
قرارات إدارية وأفكار وتحديات يجلبها من خبرته المتراكمة، ومن خارج الصندوق، وبرؤية ليبرالية، وعناد، ومواقف سياسية يتبناها، حتى أُوقِفَ مقاله اليومي بالشرق الأوسط، فغضب ولكنه كظم وسرعان ما تأقلم دون ضجيج، ودون إشهار الأسباب، بيقين عدم جدوى المكابرة.
لقد كان الراشد مثالا على تكامل عناصر نجاح صانع أحلام ذاته الواثق بجنياته، فلا يهاب المراجعة الذاتية، والعودة من جديد بأوجه مبتكرة، محافظا على نهجه، عكس من تشبثوا بأحلام أقرب فرصهم، خشية تحطم مراكبهم، على صخور الحاجة، وقلة المنقذين، وتحزب الكارهين في وجوههم، ضمن أجواء تحديات لا تسمح للمبدع قليل المواجهة أن يكون علما على رأسه نار.
shaheralnahari@
0 تعليق