تهوّر سائقي دراجات التوصيل.. خطر في حاجة إلى وقفة

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تحقيق: سومية سعد ومحمود محسن

أما من وقفة حقيقية لكبح جماح سلوك قائدي دراجات توصيل الطلبات؟ وإلى أي مدى تعد المخالفات الموجهة إليهم، رادعة بالقدر الكافي للحدّ من تجاوزاتهم المتكررة؟ ألم يحن الوقت لإيجاد حلول جذرية لخفض معدلات الحوادث المتزايدة نسبياً؟ 
لعل الغرض الذي من أجله وجدت الدراجات النارية هو الاستخدام كوسيلة مواصلات، ومع تعدد وسائل النقل وما تشهده حالة الطرق من كثافة في تدفق المركبات، جرى الاعتماد عليها بشكل رئيسي ضمن خدمات الشحن والتوصيل، كونها أصغر حجماً وأسهل في التنقل. 
وعلى الرغم من تعدد إيجابياتها، فإن استخدام قائديها السيئ، جعل منها نقمة، بل خطراً يحدق بمستخدمي الطريق، لتتعالى النداءات والدعوات بالبحث عن حل، لإنهاء فصل من فصول الحوادث المرورية الأكثر انتشاراً.
تشهد الطرق الرئيسية ارتفاعاً نسبياً في معدلات الحوادث المرورية للدراجات النارية، خاصة التابعة لشركات التوصيل، توازيها مطالبات كثيرة ومتكررة من مرتادي الطرق، لإيجاد حلول من شأنها خفض معدلات الحوادث. وتسعى صحيفة «الخليج» لبحث سبل تبنّي خطط بديلة لتحقق أعلى مستويات الوقاية والسلامة على الطرق، والحفاظ على أرواح قائدي المركبات والدراجات النارية، وتناقش ذلك عبر استطلاع آراء عدد من مستخدمي الطريق في هذا التحقيق.
 

تعدد المخاطر
يقول عبدالله عيسى الملّا: «مخاطر دراجات التوصيل على الطريق تعد جزءاً من النقاش الأوسع في سلامة مستخدمي الدراجات النارية وغيرهم من مرتادي الطريق. وتتعدد أشكال المخاطر المتعلقة بذلك، وفقاً لعوامل مرورية عدة، وكذلك بحسب الأحوال المناخية، إلى جانب الإجهاد الجسدي والضغط النفسي الواقع على قائدي الدراجات، وارتباطهم بمدة زمنية محددة لإنجاز أعمالهم.
وتشهد شوارع إمارة الشارقة ازدحاماً نسبياً في أوقات الذروة، ما يزيد احتمالية وقوع حوادث التصادم بين دراجات التوصيل والسيارات. وما يزيد الأمر سوءاً، سلوكات القيادة غير الآمنة لبعض السائقين، إذ إن بعضهم ليس لديه وعي كافٍ بالتعامل مع الدراجات النارية على الطرق، ما قد يسهم في تفاقم خطر وقوع حوادث التصادم أو فقدان السيطرة على الدراجة، وعليه أصبحت بيئة القيادة على طريق غير آمنة بالشكل المطلوب، ويجب النظر في آليات للحد منها». 


أرق يومي
أما محمد بالحسن، فيقول: «القيادة غير المسؤولة من بعض قائدي الدراجات النارية، وخاصة من شركة التوصيل، صارت أرقاً يومياً على الطريق، إذ إن السلوكات غير القانونية التي يتبعها المخالفون، في الأوقات الصباحية أو المسائية تشكل توتراً لمرتادي الطريق. كما أن الانحراف المفاجئ والدخول المباشر في الطريق، من دون التقيد والالتزام بالإشارات، والتجاوزات الخطرة عند التقاطعات، كلها تزيد احتمالات وقوع الحوادث. 
نعلم مدى حرصهم على أداء عملهم وإيصال الشحنة في الوقت المحدد لها، لكن الضغط الواقع عليهم ينعكس بالسلب على أسلوب قيادتهم للدراجات، ما يُحدث حالة من الارتباك المروري والتوتر خلال الرحلات اليومية. 
أجد أنه من الضروري إلزام قائدي الدراجات، خاصة في الأوقات المسائية ومع دخول الليل، بارتداء سترات عاكسة للإضاءة، كونها تسهم بشكل فعال في لفت انتباه قائدي المركبات الأخرى ومراعاة وجودهم في الطريق، ما يقلل فرص المفاجأة بوجودهم، في ظل تلف إضاءات الدراجات في بعض الأحيان، ما يشكل خطورة على أرواح مستخدمي الطرق». 
سرعة وتهوّر
فيما يقول عمر الشريف: «السرعة والتهوّر لدى بعض قائدي الدراجات النارية، يبعثان بالقلق وعدم الاطمئنان خلال القيادة على بعض الطرق، إذ شهدت في إحدى المرات عدم التزام سائق دراجة نارية بالأماكن المخصصة لعبور المشاة، ما كان سيتسبب في حادث دهس غاية في الخطورة، خاصة أن الدراجة كانت تسير على سرعة عالية، إلا أن العناية الإلهية حالت دون وقوع الحادث، بعد تدارك المارّ سرعة الدراجة المتجهة نحوه وتوقف قبل مرورها بثوانٍ.
أناشد بتخصيص مسارات آمنة على الطرق، تكون مخصصة لسائقي الدراجات النارية، وتحديداً في المناطق ذات الكثافة المرورية العالية، على أن يراعى في تصميم هذه المسارات ضمان سلامة السائقين حمايتهم من الاحتكاك مع المركبات، وتهيئة الطرق جيداً للاستخدام الآمن للدراجات النارية، بما يحقق تحسين تصريف المياه لمنع الانزلاق، إلى جانب تحديد هامش سرعة خاص بالدراجات، يقلّل فرص وقوع الحوادث الناجمة عن السرعة الزائدة».
عرقلة المارة 
ويقول محمود أبو الوفا: «أجد في كثير من الأحيان توقف سائقي التوصيل بدراجاتهم على الرصيف في غير المناطق المخصصة للوقوف، ما يؤدي إلى عرقلة حركة المارة، كما أن بعضهم قد يستغل وجود الدراجة أعلى الرصيف، ليكمل سيره حتى انتهاء الرصيف، ما قد يعرض حياة المشاة للخطر في ظل استهتار بعض قائدي الدراجات، والقيادة بسرعة، رغم عدم مناسبة المكان لتلك السلوكات المتهورة.
وعليه فإنه من الضروري توفير عدد من المواقف الخاصة بالدراجات النارية، كحال المركبات، وتفعيل القوانين الخاصة بمخالفة كل من تسوّل له نفسه مخالفة القانون، وانتهاج سلوكات تعرّض حياة الآمنين للخطر، وذلك برفع قيمة الغرامات على المخالفات المتعلقة بالدراجات النارية، وسحب رخص القيادة أو تعليقها مؤقتاً للسائقين الذين يرتكبون مخالفات متكررة». 
انحراف مفاجئ
شريف عمر، يروي ل«الخليج» أحد أكثر المواقف التي تعرض لها خطورة، قائلاً: «في أحد الأيام وأثناء توجّهي وأسرتي المكونة من زوجتي وطفلتي التي لم يتخطّ عمرها أربع سنوات في نزهة أسرية، ورغم التزامي بالسرعات المحددة على الطريق، فوجئت بانحراف دراجة نارية تعود لإحدى شركات توصيل الطعام بسرعة غير مبررة، حينها حاولت تدارك الأمر بأقصى سرعة، من دون تغيير مساري مستخدماً المكابح، إلا أن محاولتي لم تحل دون اصطدام قائد الدراجة، الذي سرعان ما تدهورت مركبته ليسقط عنها من شدة الاصطدام، ويرتطم بمقدمة إحدى المركبات المصطفة على جانب الطريق ويقع على الأرض هامداً، حينها سارعت بالاتصال بالإسعاف الوطني لإنقاذه، وسط حالة من الذعر التي انتابت زوجتي وطفلتي. طاقم المسعفين حضروا إلى الفور، وقدموا الرعاية الصحية اللازمة للتأكد من سلامة قائد المركبة، وبحضور الدورية المعنية بتخطيط الحادث ومعاينة الواقعة، سجل الخطأ والتسبب في الحادث على عاتق قائد الدراجة، كونه انحرف عن مساره فجأة في غير المكان المخصص بتغيير المسار.
الضغط الواقع على موظفي شركات التوصيل لتحقيق أهداف التسليم في الوقت المحدد، إلى جانب التنافس بين شركات التوصيل المختلفة، قد يؤدي إلى ارتفاع مستويات التوتر بين السائقين، ما يدفعهم إلى القيادة بسرعة كبيرة وتجاهل بعض قواعد السلامة وعليه التسبب في حوادث مميتة، لذا لابدّ من اتخاذ إجراءات وقائية تحمي هؤلاء الأفراد وتضمن لهم حقوقهم في العمل وعلى الطريق، والتواصل المباشر مع تلك الشركات لدراسة أسباب الضغوط، والتعاون بينهم، للحدّ من حوادث الدرجات المتكررة».


مسار خاص
أكد ناصر عبدالله سالم، ضرورة قيام الجهات المختصة بإنشاء مسار خاص بالدراجات النارية، وتشديد الرقابة على سائقي هذه الدراجات، وزيادة الحملات التوعوية للسائقين بمختلف جنسياتهم ولغاتهم وثقافاتهم، وذلك سعياً لتقليل الحوادث.
فيما قال علي حسن، إنه خلال الأيام القليلة الماضية فوجئ بشخص من الجنسية الآسيوية يسير بدراجة نارية بمنطقة الممزر، ودون أن ينتبه صدمه وسقط على الأرض.
وطالب الجهات المعنية برفع مستوى الالتزام المروري لدى هذه النوعية من السائقين، ولفت إلى أن عدم الالتزام بالقوانين واللوائح المرورية وقيادة أي مركبة لا تتوافر فيها شروط السلامة المرورية، وعدم إلمام سائقيها بقواعد وآداب السير والمرور، يشكل خطراً عليهم وعلى مستخدمي الطريق.
دورات تدريبية 
قال محمد بن خماس، إنه يجب على الجهات المعنية منع الدراجات النارية من الوجود في الشوارع الرئيسية، وإلزام مستخدميها بارتداء الملابس الفسفورية وغطاء الرأس، وأكد عدم السماح باستخدام هذه المركبات كوسيلة مشروعة في التنقل.
طالبت آمنة المير، الجهات المعنية بضرورة أن يتم توفير دورات تدريبية لمستخدمي الدراجات النارية في حالة السماح لهم باستخدامها وتوعيتهم بالأماكن المسموح فيها بالقيادة والأماكن الممنوعة، خاصة أن مستخدمي هذه الدراجات بنوعيها الهوائية والنارية، يظنون أنهم يملكون الحق في عبور الشارع والميادين العامة، وغالباً ما يسيرون عكس الاتجاه، ويقومون بألعاب خطرة، ما قد يتسبب لهم في حوادث مميتة، سواء لقائديها أو لسائقي المركبات.
ودعت إلى الحد من السلوكيات المرورية غير المسؤولة التي تصدر من بعض السائقين، مثل القيادة بتهوّر، وإزعاج قاطني المناطق السكنية.
مسؤولية مُجتمعية
قال عبد العزيز المرزوقي، إن هناك مسؤولية مُجتمعية تقع على عاتق الجميع، وهي الإبلاغ عن أي سائق يقود دراجته بطريقة متهورة، وعدم التهاون مع مرتكبي السلوكيات غير المسؤولة والتعامل معهم بحزم، ومراقبتهم حتى لا يقعوا في أخطاء قد تكون عواقبها وخيمة عليهم وعلى الآخرين، ما يسبب خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات العامة.
من جانبه، قال ناصر السويدي، إن بعض سائقي الدراجات النارية يقتربون من السيارات حتى يوشكوا على الالتصاق بها ويطلقون أصواتاً مرتفعة تثير الضجيج، الأمر الذي يتسبب في إرباك سائقي المركبات وتخوفهم.
طريقة غير مسؤولة
عبرت فاطمة المنصوري، عن قلقها بشأن انتشار قيادة الدراجات النارية بطريقة غير مسؤولة بالمناطق السكنية، خاصة في ساعات الليل المتأخرة، إذ يلجأ بعض السائقين للسرعة المفرطة والحركات الخطرة، التي قد تؤدي إلى فقدان السيطرة على الدراجة، ما يتسبب في وقوع حوادث غير مرغوبة.
كما لفتت الانتباه إلى مسؤولية الأسر التي تسمح لأبنائها بالخروج في أوقات متأخرة، وهذا النوع من التصرفات يعتبر مشكلة مجتمعية تتطلب تضافر الجهود من الأفراد والأسر والجهات الأمنية لضمان السلامة والحد من الإزعاج.
فيما أشارت نسرين بن درويش، إلى أن تصرفات بعض راكبي الدراجات النارية، تعرقل الحركة المرورية في العديد من المناطق، وقالت إنه رغم أهمية الإرشادات والنصائح التوعوية، إلا أنه قد يكون من الضروري اتخاذ إجراءات أكثر حزماً لردع هذه التصرفات وفرض غرامات مالية على المخالفين، قد تكون هذه الوسيلة أكثر فاعلية للتصدي لهذه الظاهرة، حيث إن العقوبات المادية تخلق وازعاً لدى مرتكبي هذه السلوكيات للتفكير مرتين قبل إزعاج الآخرين أو تهديد سلامة الطرق.
جهود وتوصيات
أوصى عدد من مستخدمي الطريق في إمارة الشارقة بمجموعة من التوصيات، للحدّ من مخاطر تلك السلوكات المتهورة التي تعرّض حياة قائدي الدراجات وغيرهم للخطر، حيث أكدوا ضرورة تقديم دورات تدريبية لسائقي التوصيل، عن كيفية القيادة الآمنة، وزيادة الوعي لدى قائدي المركبات بكيفية التعامل مع الدراجات النارية على الطرق، والتأكد من ارتداء السائقين للخوذ والسترات العاكسة، إضافة إلى أهمية تخصيص مسارات للدراجات النارية والتي قد تسهم في خفض نسب الحوادث، مؤكدين أن خفض معدلات حوادث الدراجات النارية يتطلب جهوداً مشتركة من الحكومة والشركات والسائقين وأفراد المجتمع، لتحسين السلامة على الطرق وحماية الأرواح.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق