التحول الرقمي: منظومة التحول الرقمي

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التحول الرقمي: منظومة التحول الرقمي, اليوم الخميس 17 أكتوبر 2024 01:41 صباحاً

التحول الرقمي في المنظمات أو في الدول يشبه كثيرا من التحولات الأخرى في أن له منظومة تتكون من عدد من العناصر، وهذه العناصر لا بد أن تتكامل مع بعضها بعضا ليكون التحول الرقمي ناجحا بإذن الله، ومنها: الرؤية الاستراتيجية، الكادر البشري، مركز البيانات، شبكات الاتصالات، أجهزة المستخدمين وملحقاتها، الأنظمة والتطبيقات، أمن المعلومات (الأمن السيبراني)، الأنظمة والتشريعات، التوعية والتدريب، التكامل مع الشركاء الآخرين.

الرؤية الاستراتيجية للتحول الرقمي من العناصر المهمة لتتم عملية التحول بنجاح وكفاءة عالية، ولتستمر رحلة التحول حتى لو استغرقت سنوات.

وهي تعني أن يكون لدى المنظمة رؤية واضحة وبعيدة المدى تبين ما هو طموحها أو حلمها الذي تريد أن تصل له في مجال التحول الرقمي؟ وما هي الأهداف الاستراتيجية (تسمى أحيانا الأهداف العامة أو أهداف المستوى الأول) لتحقيق هذه الرؤية؟ وما هي الأهداف الفرعية التي تتفرع من الأهداف العامة؟ قد يكون التفرع إلى مستويين إضافيين أو ثلاثة.

وما هي مؤشرات الأداء المستهدفة؟ وما هي المدة الزمنية المنطقية اللازمة لتحقيق هذه المؤشرات.

ومن الطبيعي أن يسبق تحديد الرؤية المستقبلية تحليل شامل للوضع الراهن، وتحليل للفجوة بين الوضع الراهن والوضع المستقبلي، وتبني عدد من المشاريع والمبادرات للانتقال من الوضع الراهن إلى الوضع المستقبلي.

الكادر البشري يعرف أيضا بالموارد البشرية أو برأس المال البشري، وهو من العناصر المهمة والمحورية لتتم عملية التحول الرقمي بنجاح وكفاءة عالية.

المقصود به هو الكادر البشري الذي سيتولى تحقيق رؤية وأهداف المنظمة فيما يتعلق بالتحول الرقمي. يمكن تقسيم الكادر البشري إلى مجموعتين أساسيتين، المجموعة الأولى: الكادر البشري في إدارة تقنية المعلومات وإدارة الأمن السيبراني، والمجموعة الثانية: الكادر البشري في بقية إدارات المنظمة.

الكادر البشري في إدارة تقنية المعلومات وإدارة الأمن السيبراني يمكن تقسيمه إلى قسمين: الكادر البشري الفني المتخصص في تخصصات تقنية المعلومات المختلفة، والكادر البشري المساند وهو الذي يقوم بالأعمال الإدارية والمالية في إدارة تقنية المعلومات وإدارة الأمن السيبراني.

ويمكن أيضا تقسيم الكادر البشري بشكل عام حسب مثلث الهرم الإداري: الكادر البشري في الإدارات التي في مستوى الإدارة العليا، الكادر البشري في الإدارات التي في مستوى الإدارة الوسطى، الكادر البشري في الإدارات التي في مستوى الإدارة التنفيذية (المباشرة).

الكادر البشري الفني يجب أن يشمل جميع التخصصات المتفرعة من تقنية المعلومات مثل: الأمن السيبراني، البرمجة، الأنظمة والتطبيقات، الموقع، قواعد البيانات، الشبكات، مركز البيانات، الصيانة والدعم الفني وخدمة العملاء.

ويجب أن يكون هناك مجموعة منهم في مستوى أخصائي ومستوى خبير في كل تخصص من التخصصات السابقة.

الملاحظ أن بعض المنظمات لا تتأكد من وجود هذه المجموعة ضمن الكادر البشري الفني أو لا تضع خطة لتوفيرها أو تستكثر المبالغ اللازمة لتوفيرها، ثم تحصل الصدمة الكبرى عند حدوث مشكلة تقنية معقدة وفي وقت حرج فتستسلم المنظمة للأمر الواقع وتدفع مبالغ مضاعفة لتوفير خبير لحل المشكلة، وقد تحصل صدمة أخرى بسبب عدم وجود الخبير في الوقت المطلوب.

إضافة إلى ذلك، بعض المنظمات تصرف مبالغ كبيرة جدا لشراء أجهزة تقنية متقدمة وبرمجيات متقدمة، ولكنها لا تقتنع بأهمية صرف المبالغ المطلوبة لتوفير الكوادر البشرية اللازمة لتشغيلها وصيانتها.

مركز البيانات (Data Center) في المنظمة هو قلب تقنية المعلومات وبالتالي قلب التحول الرقمي، وبالتالي لا بد من الاهتمام به لتتم عملية التحول الرقمي بنجاح وكفاءة عالية.

مركز البيانات هو الغرفة التي يكون فيها: الخوادم (السيرفرات Servers) بأنواعها المختلفة، التطبيقات، قواعد البيانات، السيوتش المركزي (Core Switch)، الراوتر الذي يربط المنظمة وفروعها بالعالم الخارجي، أجهزة الأمن السيبراني مثل الجدار الناري (Fire Wall).

الخوادم لها عدة مسميات بحسب الوظيفة التي تقوم بها، مثل: خادم الموقع، خادم التطبيقات، خادم قواعد البيانات، إلخ. غرفة مركز البيانات يفترض أن يتوفر فيها عدد من المواصفات ومنها: قوية إنشائيا بحيث تكون مقاومة للانهيارات والزلازل، باردة طوال العام، بعيدة عن تمديدات المياه من جميع الجهات، مزودة بحساسات للرطوبة والغبار والحرارة والمياه والدخان واللهب وغيرها، مزودة بنظام إطفاء الحرائق بالغاز وليس بالماء، لها أرضية مرتفعة عن أرضية الغرفة بارتفاع مناسب، لها مدخل مائل لتسهيل إدخال وإخراج الأجهزة، مساحتها كبيرة تكفي لتركيب الخوادم والأجهزة الأخرى دون تزاحم، وجود ممرات مناسبة بين الأجهزة، تكون الأجهزة مرصوصة فيها على شكل صفوف منتظمة بحيث تكون واجهات الأجهزة في كل صفين متقابلة وخلفياتها في كل صفين متقابلة لتسهيل التشغيل والصيانة ورفع كفاءة التبريد، مزودة بخطوط كهربائية قوية التحمل، مربوطة ببطاريات احتياطية وبمولد كهربائي احتياطي عن طريق سويتش اوتوماتيكي يسمى بـ ATS، عليها كاميرات مراقبة، مغلقة دائما ولا يدخلها إلا المصرح لهم، وغيرها من المواصفات والاشتراطات.

مركز البيانات الرئيسي لا بد أن يكون له مركز بيانات احتياطي في مبنى آخر، وفي بعض الحالات يفضل أن يكون هناك مركز احتياطي في مدينة أخرى مستضاف عند منظمة أخرى بموجب اتفاقية بين المنظمتين، وذلك حتى تضمن المنظمة استمرارية تقديم الخدمات الالكترونية فيما لو حصل عطل في مركز البيانات الرئيسي.

المركز الاحتياطي يمكن أن يكون نسخة مطابقة للمركز الرئيسي، بما في ذلك وجود نسخة حية من المعلومات، يسمى أحيانا مركز بيانات "ساخن" أو "مراية"، ويمكن أن يكون جاهزا للتشغيل عند الحاجة، وتكون نسخة المعلومات فيه بينها وبين النسخة الرئيسية فرق ساعات أو يوم أو أيام بحسب سياسة النسخ الاحتياطي.

بعض المنظمات تهتم بالطبقة النهائية لتقديم الخدمات الالكترونية من جهة المستخدم، وهي مهمة بالفعل، لكنها لا تهتم كثيرا بالطبقة التي لا تقل عنها أهمية وهي الاهتمام بمركز البيانات وأجهزته والكادر البشري الذي يشغلها، فتتعرض عملية الخدمات الالكترونية للبطء الشديد أو "التعليق" أو الانهيار تماما وخصوصا في أوقات الذروة.

من المناسب هنا أن أشير إلى أن بعض المنظمات لا ترغب في إنشاء مركز البيانات لديها بل تتعاقد مع شركة متخصصة في تقديم خدمات مراكز البيانات والتطبيقات واستضافتها لديها، وهو شكل من أشكال خدمات الحوسبة السحابية.

شبكات الاتصالات يجب أن تكون عالية السرعة وتصل إلى مكتب كل موظف في المنظمة وإلى كل مستخدم خارجها، وذلك لتتم عملية التحول الرقمي بنجاح وكفاءة عالية. وهي تنقسم إلى شبكات تملكها المنظمة أو تستأجرها من شركات الاتصالات، وشبكات تقدمها شركات الاتصالات للعملاء في البيوت وغيرها.

وتنقسم أيضا إلى شبكات سلكية ولاسلكية، وشبكات محلية داخل مباني المنظمة، وشبكات عمود فقري في مباني المنظمة وبينها، وشبكات واسعة تربط فروع المنظمة في مدن أخرى إذا كانت المنظمة كذلك. قد تنجح المنظمة في توفير شبكات عالية الأداء داخل مبانيها وبين فروعها، لكن هذا النجاح لا بد أن يقابله أن توفر شركات الاتصالات شبكات سلكية ولاسلكية عالية الأداء يستطيع العملاء من خلالها الاستفادة من الخدمات الالكترونية "في أي مكان أو زمان" بأكبر قدر ممكن.

أجهزة المستخدمين وملحقاتها يجب أن تكون بمواصفات حديثة ومناسبة للمهام التي يقوم بها المستخدم وذلك لتتم عملية التحول الرقمي بنجاح وكفاءة عالية. فمواصفات جهاز الكمبيوتر والطابعة والماسح الضوئي لسكرتير تختلف عنها لمهندس يتعامل مع الخرائط والمخططات وغيرها.

أجهزة المستخدمين وملحقاتها تشمل أنواعا مختلفة ومنها: الكمبيوتر المكتبي أو المحمول، الأجهزة اللوحية والكفية، أجهزة الخدمة الذاتية الثابتة والمتنقلة، الطابعات والراسمات، الماسحات الضوئية الورقية، أجهزة قراءة بصمة اليد وبصمة الوجه، الكاميرات، الشاشات، البروجكترات، وغيرها.

الأنظمة والتطبيقات يجب أن تكون مبنية بطريقة صحيحة تلبي المتطلبات العامة والتفصيلية، وأن تكون متكاملة وذلك لتتم عملية التحول الرقمي بنجاح وكفاءة عالية.

وهي تشمل عددا من الأنظمة العامة التي يتكرر استخدامها في كل المنظمات تقريبا ومنها: نظام الموارد البشرية، النظام المالي، نظام الميزانية، نظام الرواتب، نظام العقود والمشتريات، نظام المستودعات، نظام الاتصالات الإدارية، نظام الحضور والانصراف. وقد تشمل عددا من الأنظمة التي تعتمد على طبيعة عمل المنظمة، ومنها: نظام المكتبات، نظام التعليم الالكتروني، نظام القبول والتسجيل، نظام مكافآت الطلاب، نظام الملفات الصحية، نظام الصيدلية، نظام السجلات التجارية، نظام الحج، نظام العمرة والزيارة، نظام الأحوال، نظام الجوازات.

أمن المعلومات أو الأمن السيبراني يجب أن يكون في أعلى مستوياته وذلك لتتم عملية التحول الرقمي بنجاح وكفاءة عالية ولتتم حمايتها من التهديدات والهجمات الالكترونية.

وهو يرتكز على خمسة أركان بحسب نموذج الـ CIAAA، وهي: السرية ومنها التشفير (Confidentiality)، سلامة البينات ونزاهتها (Integrity)، التوثيق والموثوقية (Authenticity)، استمرارية تقديم الخدمة (Availability)، المحاسبة والمسؤولية (Accountability).

ويشمل توفير أحدث الأجهزة والبرمجيات وتوفير الكوادر البشرية عالية الخبرة والمهارات وتوفير الأنظمة والتشريعات، وتوفير التدريب والتوعية.

ويشمل إجراءات الوقاية وإجراءات الاكتشاف وإجراءات المعالجة.

الأنظمة والتشريعات أو ما يعرف أحيانا بالسياسات والإجراءات يجب أن تكون شاملة ومتكاملة ومحدثة وتوازن بين الدقة والمرونة، وذلك لتتم عملية التحول الرقمي بنجاح وكفاءة عالية.

وهي تشمل الالتزام بالأنظمة الصادرة من الدولة المتعلقة بالأمن السيبراني ولوائحها التنفيذية، وتشمل القواعد التنفيذية الداخلية للأنظمة واللوائح السابقة، وتشمل السياسات والإجراءات التفصيلية داخل المنظمة التي تنظم إدارة تقنية المعلومات وإدارة الأمن السيبراني.

قد يستغرب القارئ الكريم أنني ذكرت في المقال أكثر من مرة إدارة تقنية المعلومات وإدارة الأمن السيبراني مع أن المتعارف عليه أن الأمن السيبراني جزء من تقنية المعلومات، السبب في هذا أنه صدر الأمر السامي رقم 37140 وتاريخ 14/ 8/ 1438هـ بأنه "يجب إنشاء إدارة معنية بالأمن السيبراني في الجهة مستقلة عن إدارة تقنية المعلومات والاتصالات، ويفضل ارتباطها مباشرة برئيس الجهة أو من ينيبه، مع الأخذ بالاعتبار عدم تعارض المصالح".

من أبرز الأمثلة على السياسات والاجراءات: ضوابط قوة كلمة المرور، وتحديثها بشكل دوري، وإرسال رمز التحقق على الجوال.

التوعية والتدريب في كل ما يتعلق بالتحول الرقمي مهم جدا لتتم عملية التحول الرقمي بنجاح وكفاءة عالية.

ومن الضروري أن تشمل الكادر البشري الفني في إدارة تقنية المعلومات وإدارة الأمن السيبراني وتشمل أيضا جميع منسوبي المنظمة، وتشمل تقديم مستوى مناسب من التوعية والتدريب لعملاء المنظمة.

وتشمل مستويات مختلفة من العمق: مبتدئ، متوسط، متقدم، ويمكن إضافة متقدم جدا.

التكامل مع الشركاء الآخرين لا يقل أهمية عن العناصر السابقة لتكون عملية التحول الرقمي ناجحة وذات كفاءة عالية، وذلك لأن التحول الرقمي لا يكون ناجحا بمستوى عالٍ إلا إذا نجحت المنظمة في التحول الرقمي على مستوى خدماتها الخاصة بها وأيضا على مستوى الخدمات التي تحتاج إلى تكامل مع منظمات أخرى سواء كانت منظمات حكومية أو خاصة أو غير ربحية.

من الأمثلة على هذا: الحصول على معلومات السجل المدني للموظف من نظام أبشر برقم الهوية وبطريقة تلقائية، الحصول على نتائج الطلاب من الثانوية من نظام نور برقم الهوية وبطريقة تلقائية، الحصول على نتائج التحصيلي والقدرات من مركز قياس برقم الهوية وبطريقة تلقائية، توثيق الدخول على الأنظمة الأخرى من خلال نظام الدخول الموحد "نفاذ"، تحويل رواتب الموظفين تلقائيا الى حساباتهم في البنوك. والأمثلة على هذا كثيرة ومحسوسة.

التكامل مع الشركاء يجب أن يكون من خلال اتفاقيات توضح مسؤوليات وصلاحيات كل طرف.

في الختام، العناصر السابقة في منظومة التحول الرقمي تشبه حلقات السلسلة.

فكما أنه لكي تكون السلسلة قوية فلا بد أن تكون كل حلقة فيها قوية، فكذلك الحال في منظومة التحول الرقمي، فلكي تكون نتيجة التحول الرقمي قوية وناجحة وفعالة، فلا بد أن يكون كل عنصر فيها قويا، وهذا كله بعد مشيئة الله وعونه وتوفيقه.

أخبار ذات صلة

0 تعليق