الوجبات السريعة و"الدليفري" مجانا!!

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الوجبات السريعة و"الدليفري" مجانا!!, اليوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024 03:26 صباحاً

لا نختلف تماما حول ما فرضته ثقافة التغذية السريعة في عصرنا الحالي، ليس على مستوى المجتمع المحلي بل العالم بأكمله، وهذا بلا شك تسبب كثيرا في استشراء وتكريس النمط غير الصحي للأطعمة عند الكثيرين بل الاعتماد عليه بشكل لا يوصف.

ومن أكثر العوامل التي ساهمت وعززت وصول الأكل السريع في بيوت جميع دول العالم دون استثناء توفره على مدار الساعة وعلى نطاق واسع، تعدد تطبيقات مطاعم الوجبات السريعة، تنوع الأطعمة بمختلف أصنافها ومحتواها ومذاقها، ووجود خدمات التوصيل "الدليفري" مجانا والتي لعبت دورا كبيرا في تسويق الوجبات السريعة لأنها خففت العناء ومشقة المشاوير عن كاهل الأسر.

للأسف عند تشخيص معظم الأطفال وخصوصا اليافعين والمراهقين الذين يعانون من زيادة الوزن وغيرهم البدانة، وجد أن النمط الغذائي لديهم مختلف تماما ومرّكز أكثره على الوجبات السريعة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون والسعرات الحرارية والملح والمشروبات الغازية، وبالطبع جميعها بلا قيمة غذائية، وبسبب نمط حياتهم الخاملة دون أي نشاط رياضي بدأ الوزن الزائد يظهر عليهم وتتغير ملامح أجسادهم.

كثيرا ما يعاتبني البعض على النصائح التي أوجهها بخصوص الوجبات السريعة، ولهؤلاء أؤكد بأنني لست ضد الوجبات السريعة ولكن ضد استهلاكها بشكل يومي وقد يصل في اليوم مرتين أو ثلاثة، وتحديدا أبناءنا الأعزاء الذين جعلوها وجباتهم المفضلة بعيدا عن العناصر الغذائية الصحية المطلوبة للجسم، فللأسف أصبح معظم الأطفال بعيدين عن الطعام الصحي والفواكه والخضراوات والحليب والبيض وغير ذلك، واتجه اهتمامهم نحو الوجبات الجاهزة وغيرها المكيّسة، لكون أجسامهم قد تعودت على هذه الأطعمة بما لذ وطاب.

ومن خلال الأطفال وميولهم التغذوية وجدت أن اهتمامهم ينحصر في بعض الأطعمة السريعة لكونها لذيذة وسهلة التناول ومنها البيتزا، فهي واحدة من الأطعمة المحبوبة لدى الأطفال بسبب طعمها الرائع وإمكانية تخصيص النكهات، والهمبرجر الذي يعد وجبة خفيفة الظل وثقيلة المحتوى، وقد يشملها الجبن والصلصات المحبوبة، وهناك نقانق الدجاج أو اللحم وتشكل وجبة شهية لهم،  وأيضا الناجتس والبطاطس المقلية التي يتناولونها مع صلصة الكاتشب أو الباربيكيو.

والسر الذي يكمن وراء اندفاع الأطفال نحو كل هذه الوجبات ينحصر في عدة أمور منها الدهون والزيوت، إذ يتم استخدام كميات كبيرة من الدهون والزيوت في الوجبات السريعة، مما يسهم في إبراز النكهات وتحسين قوام الطعام، والملح والتوابل لتحسين النكهة وإضافة طابع فريد للوجبة، والسكريات في الأطعمة الحلوة لتحسين الطعم وزيادة الجاذبية اللذيذة، وايضا استخدام الجبن بكثرة في العديد من الوجبات السريعة لإضافة طعم غني وقوام مليء بالدهون.

وقد يتساءل البعض: كل تلك الوجبات مجرد أطعمة يستهلكها الطفل، فما هي الخطورة التي تشكلها على صحتهم؟

بالطبع.. هناك مشاكل عديدة لا يمكن حصرها وتظهر مع مرور الوقت وكثرة الاستهلاك، وتبدأ بضعف مناعة الطفل، حيث إن زيادة تناول الوجبات السريعة يؤدى إلى نقص المواد المغذية والفيتامينات والمعادن والألياف بالجسم، وهذا يضر الجهاز المناعي ويجعله أكثر عرضة للأمراض، أيضا تحتوي الوجبات السريعة على دهون عالية، ومع مرور الوقت تزيد من نسبة الكوليسترول في الدم وهذا يضع ضغطا على القلب ما يعمل على رفع ضغط الدم الذي بدوره يؤدي إلى ضغط على الكلى ما يسبب انحباس السوائل بالجسم وزيادة نسبة الصوديوم، كما يكون الأطفال المدمنون على الوجبات السريعة أكثر عرضة لاضطرابات الأمعاء بسبب قلة الألياف أو العناصر الغذائية التي تعزز عملية الهضم، وبجانب ذلك فالوجبات السريعة غنية بالأطعمة المصنعة التي تعتبر صعبة الهضم وتشكل ضغطا على الجهاز الهضمي وتعيق حركة الأمعاء الصحيحة، وينتهي الأمر بالإصابة بالإمساك وغيره من اضطرابات الأمعاء الأخرى.

وبما أن الوجبات السريعة تهدف فقط إلى المذاق الجيد وامتلاء المعدة من أجل الشعور بالشبع فقط دون إمداد الطفل بالعناصر اللازمة لنموه وتطوره، فإنه ينتهي به الحال بضعف التركيز وسهولة التعرض لمشكلة تذكر الأشياء والنسيان وصعوبة التعلم، بالإضافة إلى ذلك عندما يتناول الأطفال الوجبات السريعة فحتما لا بد أن يصاحب ذلك تناول المشروبات الغازية المليئة بالسكر التي تؤثر على الكبد وتسبب مشكلات في إفراز الإنسولين، ما يجعل الأمر قد ينتهي بإصابة الطفل بزيادة الوزن تدريجيا وصولا إلى مرحلة مقاومة الإنسولين وفي حال إهمالها قد يصل الوضع - لا سمح الله - إلى الإصابة بمرض السكري النوع الثاني وفي سن مبكرة من الحياة.

في الواقع.. جميع الوجبات السريعة (البيتزا، الهمبرجر، البروست وغيرها) يمكن إعدادها في المنزل وبطريقة آمنة وصحية تضمن للمستهلك (كبيرا وصغيرا) جميع العناصر المطلوبة والتحكم في كمية الزيوت والدهون والسعرات الحرارية، وإن كان لا بد من الطلب الخارجي فالأفضل أن يكون مرة أو مرتين فقط شهريا، ولا أخفي إن قلت التزام كثير من الأسر بالنمط الغذائي وحرصهم الشديد إعداد الوجبات السريعة داخل البيوت فقط.

ختاما.. يجب مراعاة أهمية تحقيق التوازن في النظام الغذائي للأطفال، مع التركيز على تقديم وجبات صحية ومتوازنة تحتوي على مجموعة متنوعة من العناصر الغذائية الضرورية التي يستفيد منها الجسم بعيدا عن زيادة الوزن وأمراضها المصاحبة، مع التأكيد على أهمية ممارسة الطفل لأي نشاط رياضي، وخصوصا الذين بدأت عليهم بوادر البدانة، حتى لا يواجهوا مع الأيام ظهور مشاكل كان يمكن تفاديها من منطلق "الوقاية خير من العلاج".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق