صفعة العلم في وجه الفكر

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صفعة العلم في وجه الفكر, اليوم الأحد 15 سبتمبر 2024 07:42 مساءً

كانت كتب الفكر والفلسفة مثل كوب قهوة أرشه على وجهي فيستيقظ ويتنشط.

حتى اختبرت بعض تلك الأفكار والفلسفات على الواقع؛ فوجدتها مثالية جدا واسعة جدا مقاسها أوسع من الواقع أو أضيق.

تلك الصفعة هي التي هزت ثقتي بالفكر والفلسفة، لأني لم أتوقع أبدا أن يكون الفكر سطحيا!

وسطحيته تكمن في انعدام توافقه مع الواقع.

حتى لقد كتبت في هذا كشكولا بعنوان: ما هو العمق؟
العمق هو هبوط السطح.

من العميق؟ الذي تجرأ على سطحياته ومسطحاته وتخلص منها. مع العلم أن التخلص من السطحيات مؤلم جدا لكن هكذا يصبح المحيط مهيبا وجميلا.

ما هو المحيط؟ المحيط هو قشرة أرضية هبطت إلى قاع المحيط.

والآن ما هو التفكير العميق؟ هو أن تتخلص من معتقداتك الضحلة وتترك مناهج وطرائق التفكير السطحية وتغيرها إلى مناهج منضبطة ودقيقة، وهذا التفكير العلمي المنظم الدقيق والصعب هو سبب فرار الكثيرين من البحث العلمي إلى التلبس بأردية الثقافة والفكر لأنها زينة سهلة أن تكتب في كل شيء وتملئ 300 صفحة بالكلام الممتع لكن الفارغ والضائع في المكان.

الفكر والفلسفة والثقافة شكل من أشكال التفكير الفوضوي.

المثقف الذي يقرأ في كل شيء يتبع خطا أفقيا فهو سطحي.

أما العلم فتفكير منظم مثابر وصبور يأخذ عمر الإنسان كله هو عقلانية والعقلانية مكلفة.

لا كورس من 12 ساعة وكتاب من 600 صفحة تنهيها وتقول: فهمت!

لنا في الوطن العربي آلاف المفكرين والمثقفين وقليل من العلماء.

أننا انتقلنا من مرحلة انعدام القراءة إلى القراءة والثقافة جيد لكننا نريد أعلى من هذا؛ بأن ننتقل من الثقافة إلى العلم والتخصص.

عالم واحد متخصص خير من ألف مثقف متناحر ومئة مفكر مثالي يحلقون في كل سماء، لا فرق بينهم وبين الشعراء الهائمين في كل واد.

هم وتصوراتهم المثالية وروايات الحب سواء.

يعيش المثقف والمفكر حياة من الرفاهية الفكرية: قراءة كل شيء، وتدوين فلسفات مخضرمة، ومحاضرة مخملية، وصفقة جماهيرية عريضة.

أما العالِم فكادح ينتظر السنوات والأيام لتنور فكرته اليتيمة العالم.

استطاع العالم النووي عبدالقدير خان أن يرفع وطنه باكستان إلى مصاف الدول.

ويستطيع عالم متخصص ودقيق واحد أن يرفع وطنه إلى القمة إذا تخصص وله فكر علمي منظم بدل الفلسفات المفلسة والتناحرات الثقافية البالية التي ليس لها إنجاز سوى "أرى وأظن، واشتريت هذا الكتاب، ويقول فلان في سنة كذا، وهذا كتاب نادر عتيق عندي من أربعين سنة ومحافظ عليه إلى الآن!"

- حقا؟ ما شاء الله عليك!

shoroogmi@

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق