جريدة جريدة وطني

‏الذكاء الاصطناعي يثري الحكاية الشعبية التربوية في ملتقى الشارقة للراوي

يوظف ملتقى «الشارقة الدولي للراوي 24» الذكاء الاصطناعي ‏في الحكاية الشعبية التربوية عبر «مغامرات سعيد»، وهي قصة عن طفل يرفض الانصياع لكلام والديه حتى اهتديا ذات يوم إلى أن يقصا عليه قصة غيرت حياته بالكامل.
في بداية القصة التي ترويها شخصية شعبية باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، يتجول سعيد في مرافق البيت الإماراتي القديم ويتعرف إلى بعض المفردات الموجودة فيه، وطائر البوم «أم كند». ثم ينتقل في رحلة عبر الزمن إلى عالم «ألف ليلة وليلة» ليأخذ المشاركين معه إلى السندباد في مغامرته مع طائر العنقاء، ويكتشف من خلالها أهمية الشجاعة في التغلب على المواقف الصعبة. ثم يعود إلى الزمن الحاضر وقد تغيرت شخصيته من خلال ما تعرف إليه من قيم التراث بأسلوب جذاب ومشوق.
وقالت عائشة الحصان الشامسي، مدير مركز التراث العربي والمنسق العام لفعاليات الملتقى: «حرص الحدث على توظيف الذكاء الاصطناعي في خدمة الحكاية الشعبية، لقربه من اهتمامات الجيل الحالي، وحرصاً على تقريب المفردات والمفاهيم والقيم التراثية التربوية بأسلوب تفاعلي. سنقدم المزيد من هذه الحكايات في ضوء النجاح الذي حققته في الدورة الحالية».
ويتفاعل الجمهور مع هذه القصة التي جمعت مختلف الفئات العمرية، وأشادوا بما ورد فيها من قيم تربوية ومفردات شعبية محلية تنوعت بين العمران وعالم الطيور والتربية من خلال القصة والمثل الشعبي، وذلك بطريقة تثري معارفهم حول التراث والقيم التربوية والإنسانية التي صاغت حضارة الدولة، وبنت جيلاً محباً للتراث ويشعر بالانتماء والاعتزاز لهذا البلد المعطاء.
الطيور في المخيال الشعبي
‏اتفق الحاضرون في أمسية «حكايات الطيور في المخيال الشعبي الإماراتي» التي أقيمت على هامش الملتقى، على أن الإنسان الإماراتي منح الطيور عبر العصور مكانتها المستحقة، احتضاناً ورعاية، ذلك إلى أدبه وتراثه الشعبي، وصارت العناية بالطيور وتهيئة البيئات الآمنة لها من الوصايا المهمة التي تتناقلها الأجيال على أرض الإمارات.
وقال د.عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، في ورقته «حكايات الطيور والكائنات الخرافية المحلقة»: «إن للطير في الإمارات رمزية محددة، فالحمام يرمز للمسالمة، والصقر للشجاعة، والغراب للمرشد في الدفن، والنورس يُطمئن بالوصول إلى الساحل، والحمام يدل على البراءة والطيبة والأمان». وذكر أمثلة لعدد من القصص الشعبية المحلية المتداولة، مبيناً أهمية الإسراع في تدوين أدق التفاصيل التراثية للحفاظ عليها من الاندثار والضياع، وأن هذا العمل مسؤولية الجميع ولا يتوقف على شخص معين أو جهة محددة.
وفي ورقته المعنونة «أسطورة الهدهد في تراثنا الشعبي»، تحدث د. راشد المزروعي عن صورة هذا الطائر الفريد في تراث الشعوب، مبيناً أن حضوره الأقوى كان في الثقافة الإسلامية، ومنها قصته المعروفة مع النبي سليمان في القرآن الكريم، بالإضافة إلى حضوره المؤثر في التراث الشعبي المحلي.
وتطرق إلى ذكر الهدهد في الأمثال الشعبية، ومنها «هذه ضيافة هدهد» للدلالة على قلة الجود في الضيافة.
وتحدثت فاطمة المغني عن «رمزية الطير في الحكايات والمعتقدات الشعبية الإماراتية»، مبينة أن جميع رموز الحب والجمال والبهجة، وحتى الشؤم والحزن والخبر اليقين، تأتي من الطيور. وشرحت بعض هذه الرموز، ذاكرةً أمثلة عن علاقة الغراب بقدوم ضيف، وعلاقة الدجاجة بالطمع، وعلاقة الحمامة بالسلامة، وغير ذلك.
وأشارت د.بديعة الهاشمي في ورقتها «الطير في الحكايات الشعبية الإماراتية» إلى أن اختيار الطيور في المخيال الشعبي له علاقة بنوع الرواية ومدى كونها فاعلة في السرديات. وذكرت أن الأدب الشعبي يعطي للطيور حكايات متناقضة، فتارة يجعلها علامة للأحزان، وأخرى للأفراح، وثالثة للكره أو المحبة. وقالت: توسع الخيال حتى ساق قصصاً شعبية عن تحول الإنسان إلى طير بسبب فعل خاطئ أو سحر وقع عليه.
وحول «عالم الطيور في الخرافات والحكايات الشعبية»، تحدثت د.هند السعيدي. وشرحت عدداً من الأساطير التي تميزت بها المعتقدات حول العالم، مبينة أن الاهتمام بالطيور انعكس في تناول معظم ما له علاقة بها، كالأجنحة والريش والأعشاش والبيض، وتطرقت إلى الحديث بين الطيور والإنسان، والشخصيات البشرية التي تتحول إلى طيور.
لقاء الأجيال
فقرة جديدة حرص معهد الشارقة للتراث على إضافتها ضمن فعاليات الدورة الـ 24 للملتقى تجمع بين الكنوز البشرية من الأجيال الإماراتية المتخصصة في التراث مع أعضاء بمجالس الشباب في الإمارات، لبحث ومناقشة وتقريب وجهات النظر حول إيجاد أفضل السبل للحفاظ على التراث الثقافي الإماراتي، وضمان نقله إلى الأجيال اللاحقة، إيماناً بدور الجميع في أداء رسالتهم ضمن هذا المشروع المهم.
وتضمنت الجلسات الرئيسية عدداً من العناوين المهمة التي تندرج تحتها عشرات المحاور، إذ تناقش منصة التراث موضوعات: الإبداع والابتكار في الحفاظ على التراث، ودور الكنوز البشرية الحية في الحفاظ على التراث الثقافي، ودور الشباب في حماية التراث الثقافي، والتراث الثقافي والتنمية المستدامة، والتكنولوجيا ودورها في الحفاظ على التراث الثقافي.
وقالت عائشة الحصان الشامسي، مدير مركز التراث العربي والمنسق العام للملتقى: «أعدت فقرات الجلسات بعناية، انطلاقاً من حرص الملتقى على التغلب على الفجوة بين الأجيال فيما يتعلق بالتراث الثقافي من قصة، ومثل، وحكاية، وأزياء شعبية، وثقافات كانت سائدة، خلفت وراءها الكثير من القصص والآثار التي أسهمت في صياغة ثقافة وتطور شعب الإمارات. وشكلت منظومة رائدة تسلط الضوء على ما يتمتع به إنسان الإمارات من قيم وموروث حضاري مرموق، ونتوقع لها النجاح في ضوء حرص الجميع على أن يأخذ تراث الإمارات مكانته المستحقة».
ويثري حوار الأجيال في منصة التراث نخبة من المتحدثين المتخصصين في المجال التراثي، وهم د.عبد العزيز المسلم،، ود.عبد العزيز محمد الشحي، ود.سيف البدواوي، وفاطمة المغني، وعبدالله عبد الرحمن، وجمعة بن ثالث، ود.خالد الشحي، وهند العواني، وشيخة المطيري، وعلي المغني، وإسراء عبدالله الملا.
وتتضمن محاور بعض الجلسات تعريف الكنوز البشرية الحية ودورها الثقافي، ومناقشة كيفية نقلها المعرفة والخبرات إلى الأجيال الشابة، وأهمية هذا الدور في الحفاظ على التراث، وطرق وأساليب نقل المعرفة التراثية من خلال أهمية التوثيق الشفوي والعملي في نقل التراث، والتحديات التي تواجه الكنوز البشرية الحية في نقل المعرفة وكيفية التغلب عليها، ودور التكنولوجيا والإعلام في دعم عملية نقل التراث، وكيف يمكن للحكومات والمؤسسات دعم الكنوز البشرية الحية في أداء دورهم، ودور «اليونسكو» والمبادرات الدولية في الاعتراف بالكنوز البشرية الحية ودعمهم.
وتناقش منصة التراث كيف يمكن أن تُسهم الكنوز البشرية الحية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة فيما يتعلق بالحفاظ على التراث الثقافي، وكيفية إشراك الشباب في جهود الحفاظ عليه وتشجيعهم على تقدير واستيعاب هذه القيم، وتأثيرهم في نقله للأجيال المستقبلية، والتحديات التي تواجههم في تقديره، وكيفية التغلب على الفجوة بين الأجيال، وتأثير الثقافة الحديثة في نظرة الشباب للتراث التقليدي، والعديد من الموضوعات المهمة ذات الصلة.

أخبار متعلقة :