«الزر الأحمر».. 20 معلومة كاشفة عن عملية «تفجير بايجر» المخابراتية شديدة التعقيد

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

إعداد ـ محمد كمال
في ظل تدفق سيل من الاجتهادات والترجيحات بشأن انفجارات أجهزة اتصالات بايجر بأيدي المئات من عناصر حزب الله في لبنان، نظراً لكونها عملية مخابراتية شديدة السرية والتعقيد، استهدفت عملية أخرى تجري من وراء ستار وهي استيراد الأجهزة، وبالتالي فإن كلا الطرفين سواء المنفذ أو المستهدف يخشى من إعلان ما لديه حتى لا ينكشف ورقه أو يفاقم خسائره، ولكن تظل هناك بعض الحقائق الأكيدة التي تعطي أطراف خيوط ذات دلالات.
ـ في عالم الحرب السيبرانية والتخريب، تعرف هذه بعملية «الزر الأحمر»، وهي عملية يتم إعدادها مسبقاً ليتم تفعيلها عند الضرورة، ما يؤدي إلى مفاجأة العدو تماماً. ومن الواضح أن من كان وراء ذلك قام بعمل احترافي للغاية. إذ تبين أن الوحدات العملياتية لحزب الله قد تم اختراقها بالكامل وتعرضت لأضرار جسيمة، الأمر الذي من المرجح أن يزيد من الشعور بعدم الأمان داخل الحزب، وبالتالي تخصيص الكثير لتحديد الثغرات الأمنية وتحديد المسؤولين عنها.
ـ تشير المصادر إلى أن أفراد من الجيش والمخابرات الإسرائيلية تمكنوا من الوصول إلى 5000 جهاز استدعاء «على مستوى الإنتاج» وإدخال كمية صغيرة من المتفجرات شديدة الانفجار قبل أشهر من استيرادها إلى لبنان، وفقاً لعدد من المصادر الأمنية. وقام الموساد بحقن داخل الجهاز لوحة تحتوي على مادة متفجرة تستقبل الكود. ومن الصعب جداً اكتشاف ذلك بأي وسيلة حتى مع الماسح الضوئي.
ـ إيليا ماغنير، وهو محلل كبير للمخاطر السياسية ومقره بروكسل، قال في وقت لاحق، إنه تحدث مع أعضاء حزب الله الذين فحصوا أجهزة الاستدعاء التي لم تنفجر، ويبدو أن أجهزة الاستدعاء تلقت رسالة خطأ مشفرة تم إرسالها إلى جميع الأجهزة، ما تسبب في اهتزازها وإصدار صوت تنبيه لمدة 10 ثوانٍ تقريباً. وعندما ضغط المستخدم على زر جهاز النداء لإلغاء التنبيه، تم تفجير المتفجرات، وهو خطة تضمن أن المستخدم يحمل جهاز النداء في وقت الانفجار لإحداث أقصى قدر من الضرر.


ـ يمكن لهذه الأجهزة تلقي رسائل نصية يصل طولها إلى 100 حرف، كما يزعم أن عمر البطارية يصل إلى 85 يوماً، وهو عامل حاسم في لبنان، حيث أصبح انقطاع الكهرباء أمراً شائعاً، لكن يبدو أن هذه العملية أضحت بمنزلة عرض جريء للحرب التكنولوجية الحديثة.
ـ محللة الأمن السيبراني الإسرائيلية والباحثة في جامعة تل أبيب، كيرين العزاري، تقول: إن الهجمات التي تشير الدلائل إلى تورط أجهزة مخابراتية إسرائيلية فيها استهدفت حزب الله في الأماكن الأكثر عرضة للخطر، ففي وقت سابق من هذا العام، فرض زعيم الحزب حسن نصر الله، قيوداً صارمة على استخدام الهواتف المحمولة، التي رأى أنها معرضة بشكل متزايد للمراقبة الإسرائيلية، خصوصاً بعد استهداف عدد من عناصره وقادته عن طريق هواتفهم المحمولة.
ـ تقول كيرين العزاري: إن العملية استهدفت حزب الله في نقطة ضعفهم لأنهم دمروا وسيلة اتصال مركزية، وتوضح أنه في السابق حدثت عملية استهداف لأجهزة استدعاء لاسلكي ولكن ليس بهذا الشكل الواسع والمعقد.
ـ الحقائق الأولية تشير إلى أن العملية المخابراتية الإسرائيلية اعتمدت على زرع كميات صغيرة من المتفجرات في أجهزة التنبيه التي طلبها حزب الله من شركة غولد أبولو ومقرها تايوان، لكن الشركة نأت بنفسها عن الموضوع وقالت: إن الأجهزة التي تحمل علامتها التجارية جاءت من شركة أخرى مقرها العاصمة المجرية بودابست وتحمل اسم B.A.C، وأنها تشاركها نسبة من الأرباح مقابل العلامة التجارية.
ـ الواقعة الغريبة ـ 
ـ واقعة غريبة وربما تكون طرف خيط مهم لكشف غموض العملية برمتها، والتي جرت بين الشركتين التايوانية والمجرية، إذ يقول هسو تشينج كوانج، مؤسس ورئيس شركة غولد أبولو التايوانية، إنه رغم العلاقة الطويلة مع الشركة المجرية، فقد حدث قبل فترة لم يحددها أن أحد البنوك التايوانية قام بتأخير تحويل مصرفي من الشركة لأن البنك كان لديه شكوك حول التحويل والذي ربما جاء من بنك في الشرق الأوسط لكنه لم يحدد الدولة، أو يلمح إلى أن ذلك يتعلق بصفقة أجهزة حزب الله من عدمهن وذلك وفق ما أوردت صحيفة نيويورك تايمز.
ـ من بين الحقائق الأخرى، أنه رغم تصريح رئيس الشركة التايوانية صاحبة العلامة التجارية لأجهزة تايجر المتفجرة، قال: إن شركته لم تصنع طراز AR924 الذي انفجر في عناصر حزب الله، لكن الغريب أن موقع الشركة Gold Apollo عرض صورة لنموذج جهاز النداء اللاسلكي ذاته، لكن تمت إزالة صفحة الويب الخاصة به بعد التفجير.
ـ كان العنوان المعلن لشركة BAC Consulting في بودابست عبارة عن مبنى يقع في شارع سكني في الغالب في إحدى الضواحي الخارجية. وتم نشر اسم الشركة على الباب الزجاجي على ورقة بحجم A4. لكن أحد الأشخاص في المبنى قال: إن الشركة مسجلة في العنوان ولكن ليس لها وجود فعلي هناك. وتم تسجيل العديد من الشركات الأخرى أيضاً في هذا العنوان، على الرغم من عدم الرد على المكالمات الهاتفية والاستفسارات.
ـ الرئيسة التنفيذية لشركة BAC Consulting، كريستيانا بارسوني-أرسيدياكونو، تقول في ملفها الشخصي على LinkedIn، إنها عملت كمستشارة للعديد من المنظمات بما في ذلك اليونسكو. ولم ترد على رسائل البريد الإلكتروني، كما لا يشير موقع الشركة إلى التصنيع.


ـ اكسبها أو اخسرها ـ 
ـ يبدو أن إسرائيل سرعت تنفيذ عملية التفجير بعد اختراق استخباراتي شمل عنصرين من حزب الله اكتشفا أنه تم العبث بالأجهزة، وفق ما قالت مصادر استخباراتية رفيعة المستوى لصحيفة الموننيتور. والتي أشارت إلى أن «نقاشاً حاداً» نشب داخل مؤسسة الدفاع الإسرائيلية بعد الاعتراف باكتشاف الخطة، ما أدى إلى اتخاذ قرار التفجير، حيث كانوا وقتها أمام اختيار «إما اكسبها أو اخسرها».
ـ يضيف التقرير أن خطة إسرائيل الأصلية كانت تتمثل في تفجير أجهزة الاستدعاء فقط في حالة نشوب حرب شاملة مع حزب الله من أجل الحصول على ميزة استراتيجية على المنظمة، لكنها اضطرت إلى التفجير يوم الثلاثاء. وفي يوم الأربعاء أيضاً، قال ثلاثة مسؤولين أمريكيين لموقع أكسيوس: إن الهجوم تم تنفيذه بسبب مخاوف إسرائيل المتزايدة من أن حزب الله قد يتولى تنفيذ عملية التفجير بنفسه تفادياً للكارثة.
ـ مشاهد التفجيرات وما أحدثته من أضرار وإصابات كبيرة، تؤكد أن أجهزة الاستدعاء، التي طلبها حزب الله، تم العبث بها قبل وصولها إلى لبنان، وأن معظمها كان من طراز AR924، على الرغم من أن ثلاثة نماذج أخرى من ذات الشركة كانت متضمنة أيضاً في الشحنة.
ـ الجزء المعقد ـ 
ـ قد يكون تتبع كيفية ووقت تعبئة أجهزة الاستدعاء بمواد متفجرة أمراً معقداً، إذ تعد صناعة الإلكترونيات الاستهلاكية المترامية الأطراف في تايوان أو المجر بمنزلة سلسلة توريد معقدة من العلامات التجارية والمصنعين والوكلاء.
ـ وزارة الشؤون الاقتصادية التايوانية، التي تشرف على التجارة، قالت: إن سجلاتها أظهرت «عدم وجود صادرات مباشرة إلى لبنان» لمثل هذه الأجهزة من شركة Gold Apollo. وقالت الوزارة: إن أجهزة الاستدعاء الخاصة بالشركة يتم تصديرها بشكل رئيسي إلى أوروبا وأمريكا الشمالية. وقالت الوزارة: إن الشركة قامت بمراجعة التقارير الإخبارية والصور الفوتوغرافية وقررت أن أجهزة النداء لم يتم تعديلها إلا بعد تصديرها من تايوان.
ـ ماذا حدث في إسرائيل؟ ـ 
ـ ورغم إصدار مكتب نتنياهو تعليمات للوزراء بعدم إجراء مقابلات مع الصحافة، لكن أحد المقربين منه، يقال أنه مستشاره، تجادل مع أحد منتقديه عبر منصة إكس، وخلال الجدال ألمح إلى مسؤولية إسرائيل عن الهجوم في لبنان، لكن بعد فترة وجيزة حذف تغريداته المتفاخرة، ثم اضطر مكتب نتنياهو للتبرؤ منه، مدعياً أنه لم يعد أحد مستشاريه، على الرغم من أنه لا يزال في الواقع جزءاً من دائرته المباشرة.
ـ العملية جمدت بشكل ما مفاوضات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للإطاحة بوزير دفاعه غالانت، وتشير تقارير عبرية إلى أن نتنياهو ربح سياسياً من هذه العملية، إذ خففت الضغط عليه، وأظهرته كرجل قوي جحتى وإن لم يحقق أي نصر عسكري واضح.
ـ يشير تقرير الصحيفة الإسرائيلية هآرتس إلى أن هذه العملية مثل ما حدث عندما تم اغتيال قائد فيلق القدس محمد رضا زاهدي في أبريل/ نيسان، والزعيم السياسي لحماس إسماعيل هنية، والقيادي بحزب الله فؤاد شكر في يوليو/ تموز، كانت مدعاة للتفاخر الإسرائيلي، لكنها لم تحدث أي تغيير جوهري في الصراع.
ـ يضيف التقرير أنه على افتراض أن إسرائيل كانت وراء العملية بالفعل، وأنها أعدت لها مسبقاً، فهل كان توقيت الهجوم مناسباً؟ وهل تسعى إسرائيل إلى ردع حزب الله عن مواصلة هجماته على شمال إسرائيل وإجباره على التوصل إلى اتفاق أم أن هدفها جره إلى حرب شاملة؟

أخبار ذات صلة

0 تعليق