كيف نصنع التوافق الاجتماعي بيننا وبين الناس؟

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كيف نصنع التوافق الاجتماعي بيننا وبين الناس؟, اليوم الثلاثاء 1 أكتوبر 2024 04:40 صباحاً

لأن الإنسان لا يعيش من دون أن يبحث عن التعايش، كان التوافق الاجتماعي على مر التاريخ يعد أحد أكبر أزمات الإنسان، فالإنسان دائما بحاجة إلى البحث عن الذين يشبهونه، ولكنه في رحلة بحثه الطويلة تلك يضطر في كثير من الأحيان إلى التعايش مع أشخاص يختلفون عنه قليلا أو كثيرا، وهنا يبرز تحدي التوافق الاجتماعي الذي في كثير من الأحيان لا يرتقي حتى إلى درجة المقبول، وفي أحيان كثيرة يدفع الكثيرين باتجاه الصراع المجتمعي بدرجاته المختلفة، فلا يختفي من عقل الإنسان التساؤل الدائم: ما الحل؟ ومتى سأجد راحتي مع الناس؟

إن التوافق الاجتماعي مشروط بفهمنا للآخر، والآخر يشبهنا في احتياجاتنا حيث نتشارك معه الرغبات والنوازع البشرية الطبيعية نفسها، ولذا فالآخر في الأساس هو انعكاس لكل واحد منا، ومن دون فهم هذا السياق، فإن الأفراد في المجتمع يذهبون إلى نظرة مشوهة عن هذا الآخر حين يظنون بأنه يمثل حالة لا تشبه إلى حد كبير حالاتنا الحياتية التي تشكل سياقنا المعيشي الإنساني.

انطلاقا من هذا الفهم، تبرز لنا ضرورة بناء نسق تعايش قائم على الشراكة، وتلك الشراكة أساسها حق الآخر في الحصول على مكتسبات من العلاقة الإنسانية بغض النظر عن نوع المكتسبات، ومن جهة أخرى حتمية اعتبار تلك المكتسبات مفهومة ومنطقية ومقبولة أخلاقيا، ولا تعبر عن استغلال أو بحث عن المصالح، وعندما يتشدد الإنسان في نظرته الخاطئة لحاجات الآخر، يخرجون من سياقات المنطق، وينزعون إلى اعتناق أفكار مغلوطة عن الواقع.

التعايش الاجتماعي إذًا هو نتاج بناء عقلي سليم، وهو نتيجة ملموسة لفكر إنساني صحيح مبني على عمق في فهم الحياة، وهو بناء نفسي تراكمي صنعته التجارب، فتعلم الإنسان أن الناس للناس ليست مجرد مقولة فلسفية، وإنما هي خلاصة فهم من سبقونا، وحكمة نستلهم منها المعايير الصحيحة للتعايش، مدركين أن طريق الحياة لا بد أن يكون ذا اتجاهين، وأن الإصرار على أن يكون طريقا واحدة باتجاهنا نحن فقط لا يمكن أن يصنع تعايشا مشتركا، وتصحيح كل تلك المفاهيم يمثل الخطوة الأولى على طريق بناء طرق اتصال سليمة بين الناس.

ويبلغ الإنسان منتهى حكمته حين يكون من المحسنين، وحين يمتلك هذه الصفة العظيمة التي قدمها الإسلام كقيمة عليا، والإحسان يعني قدرة الإنسان على بذل الكثير من العطاء من دون انتظار مقابل، فإذا ما حصل على القليل تأثر به إيجابيا، وتلك قيمة هي الأعلى من بين كل قيم صناعة الحياة الحقيقية.

hananabid10@

أخبار ذات صلة

0 تعليق