استنفار القراءة في سباق الجوائز

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
استنفار القراءة في سباق الجوائز, اليوم الاثنين 30 سبتمبر 2024 01:40 صباحاً

مر علي الشهر الماضي في حالة استنفار أكاديمي علمي وبحثي وعائلي ربما سوف أشارككم أحدها وهو الذي تضمن الانتهاء من مهمة قراءة مجموعة من الكتب التي التزمت بها مع جائزة أكاديمية لأفضل كتاب في دراسات المرأة لهذا العام، تابع لإحدى المؤسسات الأمريكية المهتمة بالشرق الأوسط.

وعندما انضممت إلى عضوية هذه اللجنة فهمت أنها مهمة بسيطة تتناول قراءة ما يصل لبريد الجمعية من كتب مرشحة والتي لا تتجاوز في الغالب الستة كتب، فأخذتها واطمأننت إليها وإلى قدراتي.. وفي خلال ثلاثة أشهر تضاعف العدد حتى بلغ ثلاثة عشر كتابا وكل يوم يتواصل معي مندوب دي إتش إل لتوصيل كتاب أو تستسهل الناشرة وترسل الكتاب إلكترونيا، وبعد أن كنت أتصفح كل كتاب يصلني وأقرأ منه بضع صفحات وأضع عليه بعض الملاحظات، وجدت أن الوقت أزف ولم يبق أمامي سوى اثني عشر يوما للانتهاء من كامل الكتب الثلاثة عشر.

فضلا عن بحث يجب تسليمه في اليوم نفسه، ناهيك عن الالتزامات الأخرى.

كانت الخطة أن أنهي البحث ومن ثم أتفرغ للكتب، لكن الخطة لم تنجح والبحث أخذ يستنفد المزيد والمزيد من الوقت والقراءة والبحث والتنقيب، حتى قررت التوقف وطلب التمديد ومن ثم انتقلت أحسب الوقت المتبقي لقراءة الكتب التي قد أنهيت أحدها وتبقى اثنا عشر منها، فمعنى ذلك أن علي أن أقرأ كتابا كاملا باللغة الإنجليزية كل يوم.

ما ترتب عليه كانت حالة من الاستنفار الزمني في المنزل والقراءة المتواصلة التي تقطع الليل ومنتصفه وثلاثة أرباعه، وبعد ذلك صرت لا أنتهي من كتاب إلا بحلول السابعة صباحا ثم النوم بضع ساعات للاستئناف.

المشكلة كانت في المتعة التي كنت أجدها في قراءة هذه الكتب والتي ترتفع وتيرتها بعد قطع شوط في القراءة والدخول في الموضوع.

كنا كلجنة بحاجة إلى أن نختار كتابا استثنائيا في منهجيته واختياره وطرحه ولغته، ومن ثم نختار كتابين إضافيين يليا الأول.

ولحسن الحظ أن الاختيار لم يكن صعبا واتفاقنا كان سريعا على الأفضل، لكن كان لا بد من الانتهاء من قراءة جميع الكتب لإعطاء الكل الفرصة المتساوية من التقييم.

كان الجميل في الموضوع، فضلا عن الإرهاق والسهد والاحتياج للتركيز وأخذ الملاحظات، أن المواضيع كانت متنوعة، من كل بحر قطرة، وعلى الرغم من أن عددا من الكتب كانت تتصل بتركيا بشكل أو بآخر، إلا أنها كانت مختلفة كذلك.

ولترتيب الأفكار قمت بتجميع الكتب المتصلة بتركيا لأبدأ فيها بشكل متتال لعل هذا يسهل المهمة، فكان أحدها يتناول حرب إبادة الأرمن، والثاني عن فن الغناء الكردي المندثر، والثالث ختان الذكور والطب، والرابع ترجمة كتاب عن الشرف في الغرب إلى التركية، والخامس عن فتح فنجان القهوة التركية وقراءة الحظ.

بعد ذلك كانت هناك مجموعة من العناوين التي تتناول العالم العربي، أحدها عن فلسطين وقصة الولادة، آخر عن سوريا وقصص زكريا تامر القصيرة، وثالث عن البائعين المتجولين من أوائل العرب المهاجرين إلى أمريكا في القرن التاسع عشر، ورابع عن ثورة النساء في الفن من خلال رصد الربيع العربي، وخامس حول مقاومة نساء الجزائر للفرنسي المحتل بين الحربين، وسادس حول علاقة النساء ببعضهن بعضا في التراث العربي، وآخر بعيد عن محيط مصطلح الشرق الأوسط، عن الشيعة الإسماعيلية وتهجيرهم من الهند إلى بنغلاديش فباكستان فشرق أفريقيا فأمريكا وثقافة إعادة بناء المجتمع المهجر، وأخير عن طالبي اللجوء في الولايات المتحدة الأمريكية من العرب، ودراسة لنجاح تجاربهم.

أغلب الكتب كانت في حدود المئتين وخمسين صفحة، لكن عددا منها وصل الأربعمئة، فكان التحدي كبيرا مع محاولة استحضار الورش التي سبق أن أخذتها أيام الدكتوراه.. أي منذ زمن بعيد.. في القراءة السريعة.. فما زلت أذكر وأستخدم بعض تلك التقنيات وأحيانا لا تنجح إن كنت مصرة على تتبع كل كلمة وإيلائها اهتمامي مع الاحتفاظ بوقعها على نفسي.

كان أولادي يمرون علي بين فترة وأخرى ويستمعون إلى ما لدي لأشاركهم مما أمتعني أو أرهقني قراءة أو تعليقا، متابعين ردود فعلي كل يوم على كل كتاب، وحاسبين معي عدد الصفحات المتبقي علي.

إحدى الكتب مما كنت أضعه على منضدة سريري حتى أقرأ فيه قبل النوم كسبا لمزيد من الوقت، كان اختيارا سيئا جدا، حيث إنه كان غاية في الإيلام والعنف والدقة في اختيار الألفاظ والصور والمعاني، بحيث كنت أقرأ وكأني أشاهد معاناة بشرية تسير أمام عيني مما استدعى أن أعيده إلى المكتب وأتركه بعيدا عني قدر الإمكان لأعاود قراءته وأنا في حالة نفسية مستعدة لذلك، لأستبدله موضوعا حياديا قابلا للقراءة قبل النوم دون كوابيس.

عزمت على أن أتناول معكم قراءة بعض هذه العناوين في المساحات القادمة مما يستحق المشاركة.

وكل عام والوطن بخير.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق