القاذفة B-2.. لماذا لجأت الولايات المتحدة إلى سلاح الردع النادر؟

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

إعداد ـ محمد كمال
نادراً ما تستخدم الولايات المتحدة قاذفات الشبح B-2 في عملياتها العسكرية، لكنها وفي استعراض كبير للقوة أعلنت على لسان وزير الدفاع لويد أوستن أنها استهدفت من خلالها مواقع لتخزين الأسلحة تحت الأرض تابعة للحوثيين في اليمن، مسجلة أول استخدام لها في هذه المنطقة.
ويعود سبب ندرة استخدام الولايات المتحدة لهذه القاذفة ذات القدرات المذهلة في التخفي وحمل الكميات الهائلة من الذخائر، نظراً لتكلفتها الباهظة جداً، إذ تُقدر قيمة كل قاذفة شبح من طراز B-2 بمليار دولار، وفق صحيفة نيويورك تايمز.
وبعد الإعلان عن العملية خرج أوستن للقول في البيان إن هذا «كان دليلاً فريداً على قدرة الولايات المتحدة على استهداف المنشآت التي يسعى الخصوم إلى إبقائها بعيدة، بغض النظر عن مدى عمقها تحت الأرض أو تحصينها»، لكن مراقبين قالوا: إن في هذه العملية وتصريح وزير الدفاع تلميح ضمني إلى قدرة واشنطن على تدمير المواقع النووية الإيرانية، ومن ثم كانت هذه رسالة تحذير وردع في آن.
والطائرة ذات الشكل المميز الشبيه بأجنحة الخفاش، هي قاذفة بعيدة المدى تحلق عادة من قاعدة وايتمان الجوية في ولاية ميسوري، وتعتمد على التزود بالوقود الجوي لتنفيذ المهام دون هبوط، كما تتمتع بمدى هائل من الطيران يصل إلى حوالي 9600 كيلومتر دون الحاجة إلى التزود بالوقود، ولذلك يمكنها تنفيذ هجمات عابرة للقارات.
وبحسب مراقبين عسكريين، فإن البنتاغون يستخدمها أحياناً في المهام القتالية كاستعراض للقوة، ففضلاً عن قدرتها على تدمير الأهداف شديدة التحصين تحت الأرض، فإنها كذلك توصل رسالة بعدم حاجة الولايات المتحدة إلى قواعد قريبة لضرب الخصوم.
ومن بين أبرز مميزات الشبح B-2 إضافة إلى قدرتها المذهلة على التخفي، كذلك قدرتها على حمل ما يصل إلى 40 ألف رطل من الذخيرة، ويمكن للطائرة إسقاط كمية كبيرة منها في فترة قصيرة، كما يمكنها حمل أسلحة تقليدية أو نووية في وقت واحد.
ووفق تقرير لصحيفة واشنطن بوست فإن القاذفة B-2، وهي الطائرة الوحيدة القادرة على ضرب المنشآت النووية الإيرانية المدفونة بعمق، وهو ما يوضح سبب تعمد الولايات المتحدة استخدمها ثم الكشف ببيان قوي على لسان وزير الدفاع عن ذلك، كرسالة تحذير لإيران، في ظل توتر الأوضاع بينها وبين إسرائيل التي تستعد لتوجيه ضربة انتقامية لها بعد استهدافها بحوالي 200 صاروخ باليستي، ويتمثل هذا التحذير عندما قال أوستن «إن استخدام قاذفات القنابل الشبح بعيدة المدى يُظهر القدرات الأمريكية لاتخاذ إجراءات ضد أهدافها عند الضرورة في أي وقت وفي أي مكان.»
ويتطلب مهاجمة ما يسمى بالمواقع المدفونة المحصنة عموماً استخدام قنابل مصنوعة خصيصاً تحتوي على علب فولاذية أكثر سمكاً وتحتوي على كمية أقل من المتفجرات مقارنة بالقنابل ذات الأغراض العامة ذات الحجم المماثل، حيث تسمح الأغلفة الثقيلة لهذه القنابل «الخارقة للتحصينات» للذخيرة بالبقاء سليمة أثناء اختراقها للتربة أو الصخور أو الخرسانة قبل أن تنفجر.
ويعتقد أن القوات الجوية الأمريكية لديها 19 قاذفة قنابل من طراز B-2 فقط، تتمركز جميعها بشكل دائم في قاعدة وايتمان الجوية في ميسوري، على الرغم من أن البنتاغون ينشر بعضها أحياناً لإجراء تدريبات في المحيط الهادئ والمحيط الهندي.
ولكي تشارك قاذفات B-2 في هجوم الأربعاء، كان يتعين على الطائرة إما الطيران ذهاباً وإياباً من ميسوري إلى اليمن والتزود بالوقود في الجو، أو الإقلاع من قاعدة أقرب بكثير إلى أهدافها، لكن الميجور جنرال باتريك رايدر، المتحدث باسم البنتاغون، في رد على سؤال حول مكان انطلاقها قال: «بسبب أمن العمليات، لن نناقش مواقع عملياتنا داخل المنطقة».
كما أن طائرات B-2 هي الطائرة الوحيدة القادرة على إسقاط قنبلة تقليدية جديدة نسبياً يبلغ وزنها 30 ألف رطل تُعرف باسم Massive Ordnance Penetrator، وهي مصممة لاختراق المخابئ والأنفاق المحصنة، وهي عبارة عن ذخيرة موجهة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، والتي تعرف أيضا بقنبلة الذخائر المخترقة GBU-57A/B، وتحتوي على ما يعادل حوالي 5600 قنبلة من مادة تي إن تي، لكن متحدث باسم البنتاغون رفض تحديد ما إذا كان هذا السلاح قد استخدم في الهجوم الذي وقع على الأهداف الحوثية.
واعترفت القوات الجوية الأمريكية بامتلاكها 20 قنبلة من هذا النوع فقط اعتباراً من عام 2015، وفقاً للوثائق المتاحة للجمهور، وبحسب موقع القوات الجوية، فإنها قادرة على الوصول إلى ما يصل إلى 200 قدم تحت الأرض قبل أن تنفجر.
وتشمل الترسانة الأمريكية أيضاً قنابل خارقة زنة 5000 رطل و2000 رطل يمكن إسقاطها بواسطة طائرات حربية أخرى.
وتم استخدام الطائرة B-2 ذات القدرة النووية لأول مرة في عام 1999 في حرب كوسوفو، وتم نشرها أحياناً في مناطق بالشرق الأوسط، كما نشرت القوات الجوية الأمريكية هذه القاذفات في غوام مع بدء المحادثات الحساسة المتعلقة بكوريا الشمالية عام 2018.
ويورد الموقع الرسمي للقوات الجوية الأمريكية، أن B-2 واحدة من أكثر القاذفات تقدماً وفعالية في الترسانة الأمريكية/ معتبرة أنها طفرة تكنولوجية هائلة، كما تمتاز بقدرتها على اختراق أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطوراً عن طريق تكنولوجيا التخفي الفائقة، ما يساعدها على الوصول إلى أهدافها دون اكتشافها.
كما أنها مزودة بأربعة محركات قوية توفر لها القدرة على التحليق بسرعات عالية تحت سرعة الصوت، وجرى الكشف عن هذه الطائرة في نوفمبر عام 1988 حيث حلقت للمرة الاولى في سماء ولاية كاليفورنيا.
وتحمل B-2 الرقم القياسي لأطول مهمة قتالية جوية في التاريخ، حيث نفذت رحلة استمرت 44 ساعة متواصلة في عام 2001، إذ انطلقت من قاعدة وايتمان إلى أفغانستان وعادت دون توقف، وفقاً لـ سي إن إن، ومن المثير أنها هي الشكل السينمائي المحبب الذي يلجأ إليه صناع الأفلام في هوليوود لمواجهة الوحوش الفضائية.
أما الشركة المسؤولة عن التصميم الشامل لهذه القاذفة فهي شركة «نورثروب غرومان»، كما يشارك في مشروع تطويرها مجموعة من الشركات الرائدة في مجال الصناعات الجوية والدفاعية، من بينها بوينغ وهيوز وجنرال إلكتريك وشركة فوت للصناعات الجوية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق